قوله تعالى: " ولئن أذقناه رحمة منا " عاقبة ورخاء وغنى " من بعد ضراء مسته " ضر وسقم وشدة وفقر. " ليقولن هذا لي " أي هذا شئ أستحقه على الله لرضاه بعملي، فيرى النعمة حتما واجب على الله تعالى، ولم يعلم أنه ابتلاه بالنعمة والمحنة، ليتبين شكره وصبره. وقال ابن عباس: " هذا لي " أي هذا من عندي. " وما أظن الساعة قائمه ولئن رجعت إلى ربى ان لي عنده للحسنى " أي الجنة، واللام للتأكيد. يتمنى الأماني بلا عمل.
قال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب: للكافر أمنيتان أما في الدنيا فيقول: " لئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى "، وأما في الآخرة فيقول: " يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " [الأنعام: 27] و " يا ليتني كنت ترابا " [النبأ: 40]. " فلننبئن الذين كفروا بما عملوا " أي لنجزينهم. قسم أقسم الله عليه. " ولنذيقنهم من عذاب غليظ " شديد.
قوله تعالى: وإذا أنعمنا على الانسان " يريد الكافر " أعرض ونأى بجانبه " وقال ابن عباس: يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف أعرضوا عن الإسلام وتباعدوا عنه. ومعنى " نأى بجانبه " أي ترفع عن الانقياد إلى الحق وتكبر على أنبياء الله. وقيل: " نأى " تباعد. يقال: نأيته ونأيت عنه نأيا بمعنى تباعدت عنه، وأنايته فانتأى أبعدته فبعد، وتناءوا تباعدوا، والمنتأى الموضع البعيد، قال النابغة فإنك كالليل الذي هو مدركي * وإن خلت أن المنتأى عنك واسع وقرأ يزيد بن القعقاع و " ناء بجانبه " بالألف قبل الهمزة. فيجوز أن يكون من " ناء " إذا نهض. ويجوز أن يكون على قلب الهمزة بمعنى الأول. " وإذا مسه الشر " أي أصابه المكروه " فذو دعاء عريض " كثير، والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة.
يقال: أطال فلان في الكلام وأعرض في الدعاء إذا أكثر. وقال ابن عباس:
" فذو دعاء عريض " فذو تضرع واستغاثة. والكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء.