والأرض وما بينهما العزيز الغفار " بالرفع على النعت وإن نصبت الأول نصبته. ويجوز رفع الأول ونصب ما بعده على المدح. " والعزيز " معناه المنيع الذي لا مثل له.
" الغفار " الستار لذنوب خلقه.
قوله تعالى: " قل هو نبأ عظيم " أي وقل لهم يا محمد " هو نبأ عظيم " أي ما أنذركم به من الحساب والثواب والعقاب خبر عظيم القدر فلا ينبغي أن يستخف به. قال معناه قتادة.
نظيره قوله تعالى: " عم يتساءلون عن النبأ العظيم " [النبأ: 1 - 2]. وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة:
يعني القرآن الذي أنبأكم به خبر جليل. وقيل: عظيم المنفعة " أنتم عنه معرضون ".
قوله تعالى: " ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون " الملأ الأعلى هم الملائكة في قول ابن عباس والسدي اختصموا في أمر آدم حين خلق ف " قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها " [البقرة: 30] وقال إبليس: " أنا خير منه " [الأعراف: 12] وفي هذا بيان أن محمدا صلى الله عليه وسلم أخبر عن قصة آدم وغيره، وذلك لا يتصور إلا بتأييد إلهي، فقد قامت المعجزة على صدقه، فما بالهم أعرضوا عن تدبر القرآن ليعرفوا صدقه، ولهذا وصل قوله بقوله: " قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ". وقول ثان رواه أبو الأشهب عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" سألني ربي فقال يا محمد فيم اختصم الملأ الأعلى قلت في الكفارات والدرجات قال وما الكفارات قلت المشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في السبرات (1) والتعقيب في المساجد بانتظار الصلاة بعد الصلاة قال وما الدرجات قلت إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام " خرجه الترمذي بمعناه عن ابن عباس، وقال فيه حديث غريب.
وعن معاذ بن جبل أيضا وقال حديث حسن صحيح. وقد كتبناه بكماله في كتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، وأوضحنا إشكاله والحمد لله. وقد مضى في " يس " (2) القول في المشي إلى المساجد، وأن الخطأ تكفر السيئات، وترفع الدرجات. وقيل: الملأ الأعلى الملائكة والضمير في " يختصمون " لفرقتين. يعني قول من قال منهم الملائكة بنات الله،