عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتزاعمان فكل يحلف بالله، أو على النفر يتزاعمون فأنقلب إلى أهلي، فأكفر عن أيمانهم إرادة ألا يأثم أحد يذكره ولا يذكره إلا بحق فنادى ربه " أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " [الأنبياء: 83] وذكر الحديث. فقد أفادك هذا الحديث أن الكفارة كانت من شرع أيوب، وأن من كفر عن غيره بغير إذنه فقد قام بالواجب عنه وسقطت عنه الكفارة.
السادسة - استدل بعض جهال المتزهدة، وطغام المتصوفة بقوله تعالى لأيوب:
" اركض برجلك " على جواز الرقص. قال أبو الفرج الجوزي: وهذا احتجاج بارد، لأنه لو كان أمر بضرب الرجل فرحا كان لهم فيه شبهة، وإنما أمر بضرب الرجل لينبع الماء.
قال ابن عقيل: أين الدلالة في مبتلى أمر عند كشف البلاء بأن يضرب برجله الأرض لينبع الماء إعجازا من الرقص، ولئن جاز أن يكون تحريك رجل قد أنحلها تحكم الهوام دلالة على جواز الرقص في الاسلام، جاز أن يجعل قوله سبحانه لموسى: " اضرب بعصاك الحجر " دلالة على ضرب المحاد (2) بالقضبان! نعوذ بالله من التلاعب بالشرع. وقد احتج بعض قاصريهم بان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " أنت منى وأنا منك " فجعل. وقال الجعفر:
أشبهت خلقي وخلقي " فجعل. وقال لزيد: " أنت أخونا ومولانا " فجعل. ومنهم من احتج بان الحبشة زفنت والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم. والجواب - أما العجل فهو نوع من الشئ يفعل عند الفرح فأين هو والرقص، وكذلك زفن الحبشة نوع من الشئ يفعل عند اللقاء للحرب.
السابعة - قوله تعالى: " إنا وجدناه صابرا " أي على البلاء. " نعم العبد إنه أواب " أي تواب رجاع مطيع. وسئل سفيان عن عبدين ابتلى أحدهما فصبر، وأنعم على الآخر فشكر، فقال: كلاهما سواء، لأن الله تعالى أثنى على عبدين، أحدهما صابر والآخر شاكر ثناء واحدا، فقال في وصف أيوب: " نعم العبد إنه أواب " وقال في وصف سليمان: " نعم العبد إنه أواب ".