بتكليفه والاحتمال لوظائفه، لا نعترض عليه ولا نختار معه، ولا نبدل بالرأي شريعته كما فعل أهل الكتاب، وذلك بتوفيق الله لما قضاه، وبتيسيره لما يرضاه، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
السابعة - قال ابن خويز منداد: تضمنت هذه الآية تفضيل السابقين إلى كل منقبة من مناقب الشريعة، في علم أو دين أو شجاعة أو غير ذلك، من العطاء في المال والرتبة في الاكرام. وفي هذه المسألة خلاف بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. واختلف (1) العلماء في تفضيل السابقين بالعطاء على غيرهم، فروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان لا يفضل بين الناس في العطاء بعضهم على بعض بحسب السابقة. وكان عمر يقول له:
أتجعل ذا السابقة كمن لا سابقة له؟ فقال أبو بكر: إنما عملوا لله وأجرهم عليه. وكان عمر يفضل في خلافته، ثم قال عند وفاته: لئن عشت إلى غد لألحقن أسفل الناس بأعلاهم، فمات من ليلته. والخلافة (2) إلى يومنا هذا على هذا الخلاف.
قوله تعالى: (والذين اتبعوهم بإحسان) فيه مسألتان:
الأولى - قرأ عمر " والأنصار " رفعا. " الذين " بإسقاط الواو نعتا للأنصار، فراجعه زيد ابن ثابت، فسأل عمر أبي بن كعب فصدق زيدا، فرجع إليه عمر وقال: ما كنا نرى إلا أنا رفعنا رفعة لا ينالها معنا أحد. فقال أبي: [إني أجد] (3) مصداق ذلك في كتاب الله في أول سورة الجمعة:
" وآخرين منهم لما يلحقوا بهم " (4) [الجمعة: 3] وفي سورة الحشر: " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان " (4) [الحشر: 10]. وفي سورة الأنفال بقوله: " والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم " (5) [الأنفال: 74]. فثبتت القراءة بالواو. وبين تعالى بقوله: " بإحسان " ما يتبعون فيه من أفعالهم وأقوالهم، لا فيما صدر عنهم من الهفوات والزلات، إذ لم يكونوا معصومين رضي الله عنهم.
الثانية - واختلف العلماء في التابعين ومراتبهم، فقال الخطيب الحافظ: التابعي من صحب الصحابي، ويقال للواحد منهم: تابع وتابعي. وكلام الحاكم أبي عبد الله وغيره