قلت: سمعت شيخنا الحافظ المنذري الشافعي أبا محمد عبد العظيم يقول: إنما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم السلب بشهادة الأسود بن خزاعي وعبد الله بن أنيس. وعلى هذا يندفع النزاع ويزول الاشكال، ويطرد الحكم. وأما المالكية فيخرج على قولهم أنه لا يحتاج الامام فيه إلى بينة، لأنه من الامام ابتداء عطية، فإن شرط الشهادة كان له، وإن لم يشترط جاز أن يعطيه من غير شهادة.
السابعة - واختلفوا في السلب ما هو، فأما السلاح وكل ما يحتاج للقتال فلا خلاف أنه من السلب، وفرسه إن قاتل عليه وصرع عنه. وقال أحمد في الفرس: ليس من السلب.
وكذلك إن كان في هميانه (1) وفي منطقته دنانير أو جواهر أو نحو هذا، فلا خلاف أنه ليس من السلب. واختلفوا فيما يتزين به للحرب، فقال الأوزاعي: ذلك كله من السلب. وقالت فرقة: ليس من السلب. وهذا مروي عن سحنون رحمه الله، إلا المنطقة فإنها عنده من السلب. وقال ابن حبيب في الواضحة: والسواران من السلب.
الثامنة - قوله تعالى: " فأن لله خمسه " قال أبو عبيد: هذا ناسخ لقوله عز وجل في أول السورة " قل الأنفال لله والرسول " [الأنفال: 1] ولم يخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم بدر، فنسخ حكمه في ترك التخميس بهذا. إلا أنه يظهر من قول علي رضي الله عنه في صحيح مسلم " كان لي شارف (2) من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس يومئذ " الحديث - أنه خمس، فإن كان هذا فقول أبي عبيد مردود. قال ابن عطية: ويحتمل أن يكون الخمس الذي ذكر علي من إحدى الغزوات التي كانت بين بدر وأحد، فقد كانت غزوة بني (3) سليم وغزوة بني المصطلق وغزوة ذي أمر وغزوة بحران، ولم يحفظ فيها قتال، ولكن يمكن أن غنمت غنائم. والله أعلم.
قلت: وهذا التأويل يرده قول علي يومئذ، وذلك إشارة إلى يوم قسم غنائم بدر، إلا أنه يحتمل أن يكون من الخمس إن كان لم يقع في بدر تخميس، من خمس سرية عبد الله بن جحش