والاقدام على الصلاة، والدعاء إلى أن ينجز الله وعده، وهو المراد بقوله: " قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا " (1) الآية. وكان من دينهم أنهم لا يصلون إلا في البيع والكنائس ما داموا على أمن، فإذا خافوا فقد أذن لهم أن يصلوا في بيوتهم. قال ابن العربي: والأول أظهر القولين، لان الثاني دعوى.
قلت: قوله: " دعوى " صحيح، فإن في الصحيح قوله عليه السلام: (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) وهذا مما خص به دون الأنبياء، فنحن بحمد الله نصلي في المساجد والبيوت، وحيث أدركتنا الصلاة، إلا أن النافلة في المنازل أفضل منها في المساجد، حتى الركوع قبل الجمعة وبعدها. وقبل الصلوات المفروضات وبعدها، إذ النوافل يحصل فيها الرياء، والفرائض لا يحصل فيها ذلك، وكلما خلص العمل من الرياء كان أوزن وأزلف عند الله سبحانه وتعالى. روى مسلم عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تطوعه قالت: (كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلى بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ثم يصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين..) الحديث. وعن ابن عمر قال:
صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين وبعدها سجدتين وبعد المغرب سجدتين، فأما المغرب والعشاء والجمعة فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته. وروى أبو داود عن كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى مسجد بني الأشهل فصلى فيه المغرب، فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبحون بعدها فقال: (هذه صلاة البيوت).
الثالثة - واختلف العلماء من (2) هذا الباب في قيام رمضان، هل إيقاعه في البيت أفضل أو في المسجد؟ فذهب مالك إلى أنه في البيت أفضل لمن قوي عليه، وبه قال أبو يوسف وبعض أصحاب الشافعي. وذهب ابن عبد الحكم وأحمد وبعض أصحاب الشافعي إلى أن حضورها في الجماعة أفضل. وقال الليث: لو قام الناس في بيوتهم ولم يقم أحد في المسجد