وكان الناضح يعتقبه (1) منا الخمسة والستة والسبعة، فدارت عقبة رجل من الأنصار على ناضح له فأناخه فركب، ثم بعثه فتلدن (2) عليه بعض التلدن، فقال له: شاء، لعنك الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من هذا اللاعن بعيره)؟ قال: أنا يا رسول الله، قال: (انزل عنه فلا تصحبنا بملعون لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم).
في غير [كتاب] (3) مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فلعن رجل ناقته فقال:
(أبن الذي لعن ناقته)؟ فقال الرجل: أنا هذا يا رسول الله، فقال: (أخرها عنك فقد أجبت فيها) ذكره الحليمي في منهاج الدين. " شاء " يروى بالسين والشين، وهو زجر للبعير بمعنى سر.
الثالثة - قوله تعالى: " ولو يعجل الله " قال العلماء: التعجيل من الله، والاستعجال من العبد. وقال أبو علي: هما من الله، وفي الكلام حذف، أي ولو يعجل الله للناس الشر تعجيلا مثل استعجالهم بالخير، ثم حذف تعجيلا وأقام صفته مقامه، ثم حذف صفته وأقام المضاف إليه مقامه، هذا مذهب الخليل وسيبويه. وعلى قول الأخفش والفراء كاستعجالهم، ثم حذف الكاف ونصب. قال الفراء: كما تقول ضربت زيدا ضربك، أي كضربك. وقرأ ابن عامر " لقضى إليهم أجلهم ". وهي قراءة حسنة، لأنه متصل بقوله: " ولو يعجل الله للناس الشر ".
قوله تعالى: (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) أي لا يعجل لهم الشر فربما يتوب منهم تائب، أو يخرج من أصلابهم مؤمن. (في طغيانهم يعمهون) أي يتحيرون. والطغيان:
العلو والارتفاع، وقد تقدم في " البقرة " (4). وقد قيل: إن المراد بهذه الآية أهل مكة، وإنها نزلت حين قالوا: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك " [الأنفال: 32] الآية، على ما تقدم (5) والله أعلم.