الثانية - واختلف أهل التأويل في هذه الآية هل هي متصلة بما قبل أو منفصلة فقال جماعة: الآية الأولى مستقلة بنفسها يقع تحت تلك المبايعة كل موحد قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وإن لم يتصف بهذه الصفات في هذه الآية الثانية أو بأكثرها.
وقالت فرقة: هذه الأوصاف جاءت على جهة الشرط والآيتان مرتبطتان فلا يدخل تحت المبايعة إلا المؤمنون الذين هم على هذه الأوصاف ويبذلون أنفسهم في سبيل الله قاله الضحاك. قال ابن عطية: وهذا القول تحريج وتضييق ومعنى الآية على ما تقتضيه أقوال العلماء والشرع أنها أوصاف الكملة من المؤمنين ذكرها الله ليستبق إليها أهل التوحيد حتى يكونوا في أعلى مرتبة. وقال الزجاج: الذي عندي أن قوله: " التائبون العابدون " رفع بالابتداء وخبره مضمر، أي التائبون العابدون - إلى آخر الآية - لهم الجنة أيضا وإن لم يجاهدوا إذا لم يكن منهم عناد وقصد إلى ترك الجهاد لان بعض المسلمين يجزي عن بعض في الجهاد. واختار هذا القول القشيري وقال: وهذا حسن إذ لو كان صفة للمؤمنين المذكورين في قوله: " اشترى من المؤمنين " لكان الوعد خاصا للمجاهدين. وفي مصحف عبد الله " التائبين العابدين " إلى آخرها، ولذلك وجهان: أحدهما الصفة للمؤمنين على الاتباع. والثاني النصب على المدح.
الثالثة - واختلف العلماء في الواو في قوله: " والناهون عن المنكر " فقيل: دخلت في صفة الناهين كما دخلت في قوله تعالى: " حم. تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم.
غافر الذنب وقابل التوب " (1) [غافر: 1 - 2 - 3] فذكر بعضها بالواو والبعض بغيرها. وهذا سائغ معتاد في الكلام ولا يطلب لمثله حكمة ولا علة. وقيل: دخلت لمصاحبة الناهي عن المنكر الآمر بالمعروف فلا يكاد يذكر واحد منها مفردا. وكذلك [قوله]: (2) " ثيبات وأبكارا " (3) [التحريم: 5]. ودخلت في [قوله] (4): " والحافظون " لقربه من المعطوف. وقد قيل: إنها زائدة، وهذا ضعيف لا معنى له. وقيل: هي واو الثمانية لان السبعة عند العرب عدد كامل صحيح. وكذلك قالوا