" الضبح " صوت الخيل وهي تتنفس بشدة عند الجري.
كما ذكرنا من قبل لهذه الآية تفسيران:
الأول: أن المقسوم به في الآية الخيل السريعة الجري نحو ميدان الجهاد.
ولما كان الجهاد أمرا مقدسا، فهذه الحيوانات في جريها في هذا المسير المقدس تنال من المكانة واللياقة ما تستحق أن يقسم بها.
الثاني: أن المقسوم به الإبل الجارية في موسم الحج بين المواقف المشرفة وهي تنقل الحجاج. لذلك كانت ذا قداسة تستحق القسم بها.
روي عن ابن عباس قال: بينما أنا جالس في حجر إسماعيل إذ أتاني رجل فسأل عن " العاديات ضبحا " فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم. فانفتل عني وذهب إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو تحت سقاية زمزم. فسأله عن العاديات ضبحا، فقال: سألت عنها أحدا قبلي؟ قال: نعم، سألت عنها ابن عباس فقال: الخيل حين تغير في سبيل الله.
قال: فاذهب فادعه لي فلما وقف على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك به؟!
والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر، وما كانت معنا إلا فرسان. فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود، فكيف تكون العاديات الخيل، بل العاديات ضبحا الإبل من عرفة إلى مزدلفة ومن مزدلفة إلى منى. قال ابن عباس فرغبت عن قولي ورجعت إلى الذي قاله علي (عليه السلام). (1) ويحتمل أيضا أن يكون " للعاديات " هنا معنى واسع يشمل خيول المجاهدين وإبل الحجاج. ويكون معنى رواية ابن عباس أنه لا ينحصر المعنى بالخيول إذ لا يصدق هذا المعنى في كل مكان. ومن مصاديقه هو إبل الحجاج.
هذا التفسير أنسب من عدة جهات.