يقال إن قمم الجبال الشماء إلى جانبها دائما وديان عميقة. وإزاء منحنيات الصعود في التكامل الإنساني توجد منحنيات نزول فظيعة، ولم لا يكون كذلك وهو الموجود الملئ بالكفاءات الثرة التي إن سخرها على طريق الصلاح يبلغ أسمى قمم الفخر وإن استعملها على طريق الفساد يخلق أكبر مفسدة، وينزلق طبعا إلى " أسفل سافلين ".
ولكن الآية التالية تقول:
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون.
" ممنون ": من " المن " وتعني هنا القطع أو النقص، من هنا فالأجر غير مقطوع ولا منقوص، وقيل: إنه خال من المنة، لكن المعنى الأول أنسب.
قيل: إن قوله: ثم رددناه أسفل سافلين تعني ضعف الجسم والذاكرة في شيخوخة الإنسان، ولكن هذا التفسير لا ينسجم مع الاستثناء المذكور في الآية التالية، ولذلك نختار التفسير الأول.
الآية التالية تخاطب هذا الإنسان الكافر بأنعم ربه والمعرض عن دلائل المعاد وتقول له: فما يكذبك بعد بالدين.
تركيب وجودك من جهة، وبنيان هذا العالم الواسع من جهة أخرى يؤكدان أن هذه الحياة الخاطفة لا يمكن أن تكون الهدف النهائي من خلقتك وخلقة هذا العالم الكبير.
هذه كلها مقدمات لعالم أوسع وأكمل، وبالتعبير القرآني، هذه " النشأة " الأولى " تنبئ عن " النشأة الأخرى "، فلم لا يتذكر الإنسان؟! ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون. (1) عالم النبات كل عام يجسد مشهد الموت والبعث أمام عين الإنسان، وتطور