وهذا يعني أن نعمة شرح الصدر تفوق معاجز الأنبياء. والمتمعن في دراسة حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما فيها من مظاهر تدل على شرح عظيم لصدره تجاه الصعاب والمشاق يدرك بما لا يقبل الشك أن الأمر لم يتأت لرسول الله بشكل عادي، بل إنه حتما تأييد إلهي رباني.
وقيل أن شرح الصدر إشارة لحادثة واجهت الرسول في طفولته حين نزلت عليه الملائكة فشقت صدره وأخرجت قلبه وغسلته، وملأته علما وحكمة ورأفة ورحمة. (1) المقصود طبعا من القلب في هذه الرواية ليس القلب الجسماني، بل إنه كناية وإشارة إلى الإمداد الإلهي من الجانب الروحي، وإلى تقوية إرادة النبي وتطهيره من كل نقص خلقي ووسوسة شيطانية.
ولكن، على أي حال، لا يتوفر عندنا دليل على أن الآية الكريمة مختصة بالحادثة المذكورة، بل لها مفهوم واسع، وقد تكون هذه القصة أحد مصاديقها.
وبسعة الصدر هذه اجتاز الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) العقبات والحواجز والصعاب على أفضل وجه، وأدى رسالته خير أداء.
ثم يأتي ذكر الموهبة الثانية.
ووضعنا عنك وزرك أي ألم نضع عنك الحمل الثقيل.
الذي انقض ظهرك.
" الوزر " بمعنى الثقل، ومنها " الوزير " الذي يحمل أعباء الدولة، وسميت الذنوب " وزرا " لأنها تثقل كاهل صاحبها.
" انقض " من (النقض) أي حل عقدة الحبل، أو فصل الأجزاء المتماسكة من البناء، و " الانتقاض " صوت انفصال اجزاء البناء عن بعضها، أو صوت فقرات