ولا يمنع نزول الآية في شخص معين، من تعميم ما جاء فيها لكل من يشارك ذلك الشخص في الصفة والحال.
فالطغاة، كثيرا ما يتذرعون بأعذار واهية، عسى أن يتخلصوا من لوم وتأنيب الضمير من جهة.. ومن اعتراضات الناس ورجال الحق من جهة أخرى، والعجيب أن الطغاة من الحماقة والتحجر بحيث أن أسلوب مواجهتهم للأنبياء (عليهم السلام) وعلى مر التاريخ قد جاء على وتيرة واحدة، وكأنهم قد وضعوا لأنفسهم مخططا لا ينبغي الحيد عنه، فعند مواجهتهم لدعوة الأنبياء (عليهم السلام) بتعاليم السماء، ليس عندهم سوى أن يقولوا: سحر، كهانة، جنون، أساطير!
ويعري القرآن مرة أخرى جذر طغيانهم وعنادهم، بالقول: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.
ما أشد تقريع العبارة! فقد احتوى صدأ أعمالهم كل قلوبهم، فأزيل عنها ما جعل الله فيها من نور الفطرة الأولى وذهب صفائها، ولذا.. فلا يمكن لشمس الحقيقة أن تشرق بعد في أفق قلوبهم، ولا يمكن لتلك القلوب التعسة من أن تتقبل نفوذ أنوار الوحي الإلهي إلى دواخلها.
" ران ": من (الرين) على وزن (عين)، وهو: الصدأ يعلو الشئ الجليل (كما يقول الراغب في مفرداته)، ويقول عنه بعض أهل اللغة: إنه قشرة حمراء تتكون على سطح الحديد عند ملامسته لرطوبة الهواء، وهي علامة لتلفه، وضياع بريقه وحسن ظاهره.
وقيل: ران عليه: غلب عليه، ورين به: وقع في ما لا يستطيع الخروج منه ولا طاقة له به (1) وكل هذه المعاني هي من لوازم المعنى الأول.