ولكن لعدم ثبوت وجود هكذا آيات، فلا يمكننا الاعتماد على هذا القول الآنف أعلاه.
وقيل أيضا: إن الاستثناء يختص بقراءة بعض الآيات، فعلى هذا يكون مفهوم الآية هو: إننا سنقرئك آيات القرآن إلا بعض الآيات التي أراد الله عز وجل أن تبقى في مخزون علمه..
ولا يتوافق هذا القول مع سياق الآية.
أما جملة: إنه يعلم الجهر وما يخفى فلبيان علة أمر تضمنته جملة سنقرئك، أي: إن العليم جل اسمه عالم بجميع حقائق الوجود، أما ما يوحيه إليك، فهو ما يحتاج إليه البشر، ويصلك بالكامل دون أن ينقص منه شئ.
وقيل أيضا: إن مراد الآية هو: على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا يتعجل في أخذ الوحي، وأن لا يخشى نسيانه، فالله الذي يعلم الأمور ما خفي منها وما ظهر، سوف لا يتركه وقد تعهد له بالحفظ.
وعلى أية حال، فمن معاجز النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، قابليته على حفظ الآيات والسور الطوال بعد تلاوة واحدة من جبرائيل (عليه السلام)، دون أن ينسى منها شيئا أبدا.
وتخاطب الآية التالية النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) مسلية له: ونيسرك لليسرى. (1) أي، إخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بصعوبة الطريق في كافة محطاته، من تلقي الوحي وحفظه حتى البلاغ والنشر والتعليم والعمل به، وتطمئنه بالرعاية والعناية الربانية، بتذليل صعابه من خلال تيسيرها له (صلى الله عليه وآله وسلم).
ويمكن كذلك أن تكون إشارة الآية إلى أن طبيعة الرسالة الإسلامية والتكاليف التي تضمنتها، طبيعة سهلة وسمحة، خالية من الحرج والمشقة.
وهذا المعنى يعطي شمولية أكثر لمفهوم الآية، بالرغم من أن أكثر المفسرين قد