عذابهم، وأن يتم الحجة عليهم، فعسى أن يعود قسم منهم إلى رشده ويسلم وأساسا فالعجلة لمن يخاف الفوت، وهذا ما لا يصدق على القاهر القادر سبحانه وتعالى.
والملاحظ في الآية، إنها شرعت ب فمهل الكافرين فيما أكدت ذلك بقولها " أمهلهم "، فالأول من باب (التفعيل)، والثاني من باب (الأفعال) وقد جاء للتأكيد دون تكرار اللفظ بعينه.
" رويدا ": من (الرود) - على وزن عود - وهو التردد في طلب الشئ يرفق، ولها هنا معنى مصدريا مع تصغير، أي أمهلهم مهلة صغيرة (1).
وبهذا يوصي الله عز وجل نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الجملة المختصرة ثلاث مرات بامهال ومداراة الكافرين وهذا في الحقيقة درس للمسلمين في الكيفية التي ينبغي العمل بها عند مواجهة أعداءهم، وخصوصا إذا ما كانوا أعداء أقوياء وشرسين، فلابد من الصبر والتأني والدقة في حساب خطوات المواجهة، وينبغي عدم التسرع في العمل، وكذا عدم تنفيذ القرارات غير المدروسة.
مضافا إلى التبليغ والدعوة إلى الحق لابد فيها من تجنب العجلة والتسرع حتى تتاح الفرصة لكل من يمكن هديه، فلابد من تفهيم الإسلام بكل لطف وسعة صدر مع الدليل القاطع، وبهذا تتم الحجة على الآخرين.
أما السبب في طلب الإمهال القليل، ففيه احتمالين:
الأول: كان الإمهال لحين حدوث معركة بدر، حيث أحرز المسلمون فيها نصرا مبينا على الكفار بعد مدة قليلة من نزول الآية.
ومعركة بدر أول ضربة موجعة تلقاها المشركون من المسلمين، ثم تلتها ضربات في معركة الأحزاب ومعركة خيبر وغيرها، مما أفشل مخططات الكفرة