والشهادة فتعالى عما يشركون - 92. قل رب إما تريني ما يوعدون - 93.
رب فلا تجعلني في القوم الظالمين - 94. وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون - 95. إدفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون - 96. وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين - 97.
وأعوذ بك رب أن يحضرون - 98.
(بيان) لما أوعدهم بعذاب شديد لا مرد له ولا مخلص منه، ورد عليهم كل عذر يمكنهم أن يعتذروا به، وبين أن السبب الوحيد لكفرهم الله واليوم الآخر وهو اتباع الهوى وكراهة اتباع الحق، تمم البيان بإقامة الحجة على توحده في الربوبية وعلى رجوع الخلق إليه بذكر آيات بينة لا سبيل للانكار إليها.
وعقب ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يستعيذ به من أن يشمله العذاب الذي أو عدوا به، وأن يعوذ به من همزات الشيطان وأن يحضروه كما فعلوا بهم.
قوله تعالى: " وهو الذي أنشأ لكم السمع والابصار والأفئدة قليلا ما تشكرون " إفتتح سبحانه من نعمه التي أنعمها عليهم بذكر إنشاء السمع والبصر وهما نعمتان خص بهما جنس الحيوان خلقتا فيه إنشاء وإبداعا لا عن مثال سابق إذ لا توجدان في الأنواع البسيطة التي قبل الحيوان كالنبات والجماد والعناصر.
وبحصول هذين الحسين يقف الوجود المجهز بهما موقفا جديدا ويتسع مجال فعاليته بالنسبة إلى ما هو محروم منهما اتساعا لا يتقدر بقدر فيدرك خيره وشره ونافعه وضاره ويعطي معهما الحركة الإرادية إلى ما يريده وعما يكرهه، ويستقر في عالم حديث طري فيه مجالي الجمال واللذة والعزة والغلبة والمحبة مما لا خبر عنه فيما قبله.
وإنما اقتصر من الحواس بالسمع والبصر - قيل - لان الاستدلال يتوقف عليهما ويتم بهما.