وإن كان وجه الكلام إلى غيرهم ممن يري للسماء إلها دون الله كان المراد بالسماء العالم السماوي بسكنته من الملائكة والجن دون السماوات المادية، ويؤيده مقارنته بالسؤال عن رب العرش العظيم فإن العرش مقام صدور الأحكام المتعلقة بمطلق الخلق الذي منهم أربابهم وآلهتهم، ومن المعلوم أن لا رب لمقام هذا شأنه إلا الله إذ لا يفوقه شئ دونه.
وهذا العالم العلوي هو عندهم عالم الأرباب والآلهة لا رب له إلا الله سبحانه فالسؤال عن ربه والجواب عنه باعترافهم أنه الله في محله كما أشير إليه.
فمعنى الآية - والله أعلم - قل: من رب السماوات السبع التي منها تنزل أقدار الأمور وأقضيتها ورب العرش العظيم الذي منه يصدر الاحكام لعامة ما في العالم من الملائكة فمن دونهم؟ فإنهم وما يملكونهم باعتقادكم مملوكة لله وهو الذي ملكهم ما ملكوه.
قوله تعالى: " سيقولون لله قل أفلا تتقون " حكاية لجوابهم بالاعتراف بأن السماوات السبع والعرش العظيم لله سبحانه.
والمعني: سيجيبونك بأنها لله قل لهم تبكيتا وتوبيخا: فإذا كان السماوات السبع منها ينزل الامر والعرش العظيم منه يصدر الامر لله سبحانه فلم لا تتقون سخطه إذ تنكرون البعث وتعدونه من أساطير الأولين وتسخرون من أنبيائه الذين وعدوكم به؟
فإن له تعالى أن يصدر الامر ببعث الأموات وإنشاء النشأة الآخرة للانسان وينزل الامر به من السماء.
ومن لطيف تعبير الآية التعبير بقوله: " لله " فإن الحجة تتم الملك وإن لم يعترفوا بالربوبية.
قوله تعالى: " قل من بيده ملكوت كل شئ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون " الملكوت هو الملك بمعنى السلطنة والحكم، ويفيد مبالغة في معناه والفرق بين الملك بالفتح والكسر وبين المالك أن المالك هو الذي يملك المال والملك يملك المالك و ماله، فله ملك في طول ملك وله التصرف بالحكم في المال ومالكه.
وقد فسر تعالى ملكوته بقوله: " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن