تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٥٦
الضلال من الأمم السابقة ومن هذه الأمة والدليل على اختصاصه بهم قوله واحلوا قومهم دار البوار المشعر بكونهم نافذي الكلمة مطاعين في قومهم فهم الأئمة والرؤساء.
والمراد بتبديلهم نعمة الله كفرا تبديلهم شكر نعمته الواجب عليهم كفرا ففي الجملة مضاف محذوف والتقدير بدلوا شكر نعمة الله كفرا ويمكن ان يراد تبديل نفس النعمة كفرا بنوع من التجوز ونظير الآية في هذه العناية قوله تعالى:
" وتجعلون رزقكم انكم تكذبون " الواقعة: 82 وذكر إحلالهم قومهم دار البوار يستلزم احلال أنفسهم فيها لانهم أئمة الضلال ضلوا ثم أضلوا والتبعة تبعة الضلال ونظير الآية في هذا المعنى قوله في فرعون:
" يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار " هود: 98.
والمعنى ألم تنظر إلى الأئمة و الرؤساء من الأمم السابقة ومن أمتك الذين بدلوا شكر نعمة الله كفرا واتبعتهم قومهم فحلوا واحلوا قومهم دار الهلاك وهو الشقاء والنار.
قوله تعالى: " جهنم يصلونها وبئس القرار " بيان لدار البوار واحتمال بعضهم أن يكون جهنم منصوبا بالاشتغال والتقدير يصلون جهنم يصلونها والجملة مستأنفة خال عن الوجه لان النصب مرجوح ولا نكتة تستوجب الاستئناف.
ومن هنا يظهر فساد قول من قال إن الآيات مدنية والمراد بالذين كفروا هم عظماء مكة وصناديد قريش الذين جمعوا الجموع على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحاربوه ببدر فقتلوا وأحلوا قومهم دار البوار.
وذلك انك عرفت من معنى الآية انها مطلقة ولا موجب لتخصيصها بقتلى بدر من الكفار أصلا بل الآية تشمل كل امام ضلال أحل قومه دار البوار ممن تقدم وتأخر والمراد باحلال دار البوار اقرارهم في شقاء النار وإن لم يقتلوا ولا ماتوا ولا دخلوا النار بعد.
على أن ظاهر الآية التالية وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ان ضمير الجمع راجع إلى الذين كفروا المذكورين في هذه الآية ولازمه كون خطاب قل تمتعوا خطابا للباقين منهم وهم الذين أسلموا يوم الفتح وهو ايعاد بشقاء قطعي منجز من غير استثناء.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست