ثلاث آيات الحجة على اختصاص الربوبية بنفسه تعالى وتقدس من طريق اختصاص التدبير العام به من نظم الخلقة وانزال الماء واخراج الرزق وتسخير البحار الفلك والأنهار والشمس والقمر والليل والنهار.
وأشار في آخر الآيات إلى انها وما لا تحصى من غيرها نعمة منه تعالى للانسان لان البيان في هذه السورة كما تقدمت الإشارة إليه يجرى في ضوء الاسمين العزيز الحميد.
فقوله الله الذي خلق الخ في معنى قولنا فهو الرب وحده دون الذين جعلتموهم أندادا له.
وقوله وانزل من السماء ماء فاخرج به الخ المراد بالسماء جهة العلو وهو معناها اللغوي والماء النازل منها هو المطر النازل منها فإليه ينتهى الماء في الأرض الذي تعيش به ذوات الحياة من النبات والحيوان.
قوله تعالى: " وسخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار " تسخير الفلك للناس هو جعلها بحيث تنفعهم في مقاصدهم وهى العبور بأنفسهم وأحمالهم وغير ذلك من غير أن ترسب في الماء أو تمتنع عن الحركة.
واما قول بعضهم تسخيرها لهم هو أقدارهم على صنعتها واستعمالها بالهامهم طريق ذلك بعيد فان الظاهر من تسخير شئ للانسان هو التصرف فيه بجعله موافقا لما يقصده من منافع نفسه دون التصرف في الانسان نفسه بالهام ونحوه.
وكان من طبع الكلام ان يقال وسخر لكم البحر لتجرى فيه الفلك بأمره وسخر لكم الأنهار غير أنه عكس وقيل وسخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره لكون الفلك من أوضح النعم البحرية وان لم تنحصر فيها نعمه ولعل ذلك هو السبب في العكس لان المقام مقام عد النعمة والنعمة في الفلك أوضح وان كانت في البحر أعظم.
واسناد جريها في البحر إلى امره تعالى مع كونه مستندا إلى الأسباب الطبيعية العاملة كالريح والبخار وسائر الأسباب لكونه تعالى هو السبب المحيط الذي إليه ينتهى كل سبب.