تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٤٥
لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق " الأعراف: 43 مزجوا الهدايتين بعضا ببعض كما هو ظاهر.
وقوله: " سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص " سواء والاستواء والتساوي واحد وسواء خبر لمبتدأ محذوف والجملة الاستفهامية بيان لذلك وقوله ما لنا من محيص بيان آخر للتساوي والمعنى الأمران متساويان علينا وبالنسبة إلينا وهما الجزع والصبر لا مهرب لنا عن العذاب اللازم.
قوله تعالى: " وقال الشيطان لما قضى الامر " إلى آخر الآية في المجمع الاصراخ الإغاثة بإجابة الصارخ ويقال استصرخنى فلان فأصرخته أي استغاث بي فأغثته انتهى.
وهذا كلام جامع يلقيه الشيطان يوم القيامة إلى الظالمين يبين فيه موقعه منهم وينبئ أهل الجمع منهم بوجه الحق في الرابطة التي كانت بينه وبينهم في الدنيا وقد وعد الله سبحانه انه سينبؤهم يوم القيامة بما كانوا فيه يختلفون وان الحق سيظهر يوم القيامة عن قبل كل من كان له من قبله خفاء أو التباس فالملائكة يتبرؤون من شركهم والجن والقرناء من الشياطين يطردونهم والأصنام والالهة التي اتخذوها أربابا من دون الله يكفرون بشركهم وكبراؤهم وأئمة الضلال لا يستجيبون لهم والمجرمون أنفسهم يعترفون بضلالهم وجرمهم كل ذلك واقعة في آيات كثيرة غير خفية على المتتبع المتدبر فيها.
والشيطان وان كان بمعنى الشرير وربما اطلق في كلامه تعالى على كل شرير من الجن والإنس كقوله: " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن " الانعام: 112 لكن المراد به في الآية الشيطان الذي هو مصدر كل غواية وضلال في بني آدم وهو إبليس فان ظاهر السياق انه يخاطب بكلامه هذا عامة الظالمين من أهل الجمع ويعترف انه كان يدعوهم إلى الشرك وقد نص القرآن على أن الذي له هذا الشأن هو إبليس وقد ادعى هو ذلك ولم يرد الله ذلك عليه كما في قوله: " قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين " إلى أن قال: " لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين " ص - 85.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست