تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٥١
علا وأظل سماء وقوله تؤتى اكلها كل حين باذن ربها أي تثمر ثمرها المأكول كل زمان بإذن الله وهذا نهاية ما تفيده شجرة من البركات واختلفوا في الآية اولا في المراد من الكلمة الطيبة فقيل هي شهادة ان لا إله إلا الله وقيل الايمان وقيل القرآن وقيل مطلق التسبيح والتنزيه وقيل الثناء على الله مطلقا وقيل كل كلمة حسنة وقيل جميع الطاعات وقيل المؤمن.
وثانيا في المراد من الشجرة الطيبة فقيل النخلة وهو قول الأكثرين وقيل شجرة جوز الهند وقيل كل شجرة تثمر ثمرة طيبة كالتين والعنب والرمان وقيل شجرة صفتها ما وصفه الله وان لم تكن موجودة بالفعل.
ثم اختلفوا في المراد بالحين فقيل شهران وقيل ستة أشهر وقيل سنة كاملة وقيل كل غداة وعشى وقيل جميع الأوقات.
والاشتغال بأمثال هذه المشاجرات مما يصرف الانسان عما يهمه من البحث عن معارف كتاب الله والحصول على مقاصد الآيات الكريمة واغراضها.
والذي يعطيه التدبر في الآيات ان المراد بالكلمة الطيبة التي شبهت بشجرة طيبة من صفتها كذا وكذا هو الاعتقاد الحق الثابت فإنه تعالى يقول بعد وهو كالنتيجة المأخوذة من التمثيل يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة الآية والقول هي الكلمة ولا كل كلمة بما هي لفظ بل بما هي معتمدة على اعتقاد وعزم يستقيم عليه الانسان ولا يزيغ عنه عملا.
وقد تعرض تعالى لما يقرب من هذا المعنى في مواضع من كلامه كقوله: " ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " الأحقاف: 13 وقوله: " ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا " حم السجدة: 30 وقوله: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " فاطر: 10.
وهذا القول والكلمة الطيبة هو الذي يرتب تعالى عليه تثبيته في الدنيا والآخرة أهله وهم الذين آمنوا ثم يقابله بإضلال الظالمين ويقابله بوجه آخر بشأن المشركين وبهذا يظهر ان المراد بالممثل هو كلمة التوحيد وشهادة ان لا إله إلا الله حق شهادته.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست