عليه بقطع الرحمة منه وسلب التوفيق عنه وهذا اضلال مسبوق بضلاله من نفسه بسوء اختياره وإزاغة له عن زيغ منه.
ومن هنا وجه اختلاف السياق في الآيتين اما قوله فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم فقد فرض فيه زيغ منهم ثم أزاغه منه تعالى واما قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فقد فرض فيه ايمان ثابت على التثبيت وهو في نفسه يستلزم هداية منه واهتداء منهم ثم أضيف إلى ذلك القول الثابت وهو ثباتهم واستقامتهم بحسن اختيارهم على ما آمنوا به وهو فعلهم فيعقبه الله بتثبيتهم بسبب ذاك القول الثابت وحفظهم من الزيغ والزلل يدفع عنهم بذلك مخاطر الحياة في الدنيا والآخرة وهذا هداية منه تعالى غير مسبوقة باهتداء من عند أنفسهم يرتبط بها فافهم ذلك.
وكيف كان فهذا التثبيت بالنظر إلى التمثيل بمنزلة احكام الشجرة الطيبة من جهة ثبوت أصلها في الأرض وإذا ثبت أصل الشجرة نمت وتفرعت بالفروع وأتت بالأثمار في كل حين والدنيا والآخرة تحاذيان كل حين فان الدنيا والآخرة تشملان جميع الأحيان فهذا ما يعطيه السياق من معنى الآية.
وقيل إن المعنى يثبت الله الذين آمنوا ويقرهم في كرامته وثوابه بالقول الثابت الذي وجد منهم وهو كلمة الايمان لأنه ثابت بالحجج والأدلة فالمراد بتثبيتهم تقريبهم منه واسكانهم الجنة وبثبوت قولهم تأيده بالحجة والبرهان وفيه انه تقييد من غير مقيد.
وقيل المعنى انه يثبتهم بالتمكين في الأرض والنصرة والفتح والغلبة في الدنيا وإسكان الجنة في الآخرة وهو بعيد من السياق.
وقوله ويضل الله الظالمين ظاهر المقابلة بين الظالمين والذين آمنوا في الجملة السابقة ان المراد بهم أهل الكفر بالله وبآياته على أنه تعالى فسر الظالمين بقول مطلق في بعض كلامه بما يقرب منه إذ قال: " ان لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون " الأعراف: 45.
والجملة كالنتيجة المستخرجة من المثل الثاني المذكور: " ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار " والمعنى ان الله يضل أهل