لتمييز الصدق من الكذب والحق من الباطل ومن المعلوم ان الدس والوضع غير مقصورين في اخبار الفقه بل الدواعي إلى الدس والوضع في المعارف الاعتقادية وقصص الأنبياء والأمم الماضين وأوصاف المبدء والمعاد أكثر وأوفر ويؤيد ذلك ما بأيدينا من الإسرائيليات وما يحذو حذوها مما أمر الجعل فيها أوضح وأبين.
وكذا الاخبار التي تتضمن تمسك أئمة أهل البيت عليهم السلام بمختلف الآيات القرآنية في كل باب على ما يوافق القرآن الموجود عندنا حتى في الموارد التي فيها آحاد من الروايات بالتحريف وهذا أحسن شاهد على أن المراد في كثير من روايات التحريف من قولهم عليهم السلام كذا نزل هو التفسير بحسب التنزيل في مقابل البطن والتأويل.
وكذا الروايات الواردة عن أمير المؤمنين وسائر الأئمة من ذريته عليهم السلام في إن ما بأيدي الناس قرآن نازل من عند الله سبحانه وان كان غير ما الفه علي عليه السلام من المصحف ولم يشركوه عليه السلام في التأليف في زمن أبى بكر ولا في زمن عثمان ومن هذا الباب قولهم عليهم السلام لشيعتهم: اقرؤوا كما قرء الناس ومقتضى هذه الروايات ان لو كان القرآن الدائر بين الناس مخالفا لما الفه علي عليه السلام في شئ فإنما يخالفه في ترتيب السور أو في ترتيب بعض الآيات التي لا يؤثر اختلال ترتيبها في مدلولها شيئا ولا في الأوصاف التي وصف الله سبحانه بها القرآن النازل من عنده ما يختل به آثارها.
فمجموع هذه الروايات على اختلاف أصنافها يدل دلالة قاطعة على أن الذي بأيدينا من القرآن هو القرآن النازل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير أن يفقد شيئا من أوصافه الكريمة وآثارها وبركاتها.
الفصل - 3 ذهب جماعة من محدثي الشيعة والحشوية وجماعة من محدثي أهل السنة إلى وقوع التحريف بمعنى النقص والتغيير في اللفظ أو الترتيب دون الزيادة فلم يذهب إليها أحد من المسلمين كما قيل.
واحتجوا على نفى الزيادة بالاجماع وعلى وقوع النقص والتغيير بوجوه كثيرة.