مثلت به حرفا بحرف فإنما هي كلمة الشرك مثلت بشجرة خبيثة مفروضة اقتلعت من فوق الأرض ليس لها أصل ثابت وما لها من قرار وإذ كانت خبيثة فلا اثر لها إلا الضر والشر.
قوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " إلى آخر الآية الظاهر إن بالقول متعلق بقوله يثبت لا بقوله آمنوا والباء للآلة أو السببية لا للتعدية وان قوله في الحياة الدنيا وفي الآخرة متعلق أيضا بقوله يثبت لا بقوله الثابت.
فيعود المعنى إلى أن الذين آمنوا إذا ثبتوا على ايمانهم واستقاموا ثبتهم الله عليه في الدنيا والآخرة ولولا تثبيته تعالى لهم لم ينفعهم الثبات من أنفسهم شيئا ولم يستفيدوا شيئا من فوائده فإليه تعالى يرجع الامر كله فقوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " في باب الهداية يوازن قوله: " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " الصف: 5 في باب الاضلال.
غير أن بين البابين فرقا وهو ان الهدى يبتدئ من الله سبحانه ويترتب عليه اهتداء العبد والضلال يبتدئ من العبد بسوء اختياره فيجازيه الله بالضلال على الضلال كما قال: " وما يضل به الا الفاسقين " البقرة: 26 وقد تكاثرت الآيات القرآنية إن الهداية من الله سبحانه ليس لغيره فيها صنع.
وتوضيح المقام إن الله سبحانه خلق الانسان على فطرة سليمة ركز فيها معرفة ربوبيته وألهمها فجورها وتقواها وهذه هداية فطرية أولية ثم أيدها بالدعوة الدينية التي قام بها أنبياؤه ورسله.
ثم إن الانسان لو جرى على سلامة فطرته واشتاق إلى المعرفة والعمل الصالح هداه الله فاهتدى العبد للايمان عن هدايته تعالى واما جريه على سلامة الفطرة فلو سمي اهتداء فإنما هو اهتداء متفرع على السلامة الفطرية لو سميت هداية.
ولو انحرف الانسان عن صراط الفطرة بسوء اختياره وجهل مقام ربه وأخلد إلى الأرض واتبع الهوى وعاند الحق فهو ضلال منه غير مسبوق باضلال من الله وحاشاه سبحانه لكنه يستعقب اضلاله عن الطريق مجازاة وتثبيته على ما هو