تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٦١
وثانيا كون قوله إليك مستدركا مستغنى عنه وخاصة بالنظر إلى قوله ولعلهم يتفكرون وذلك أن الانزال غايته التبيين ولا اثر في ذلك لكونه صلى الله عليه وآله وسلم هو المنزل إليه دون غيره وكذلك التفكر في الذكر غاية مرجوة للعلم بأنه حق من عند الله من غير نظر إلى من انزل إليه ولازم ذلك كون قوله إليك زائدا في الكلام لا حاجة إليه وثالثا انقطاع الآية بسياقها عن سياق الآية السابقة عليها وما أرسلنا من قبلك الا رجالا نوحي إليهم والآيات المتقدمة عليها.
وههنا وجه آخر يمكن ان يندفع به بعض الاشكالات السابقة وهو كون المراد بالذكر المنزل لفظ القرآن الكريم وبما نزل إليهم معاني الاحكام والشرائع وغيرها ويكون قوله لتبين غاية للانزال وقوله ولعلهم يتفكرون معطوفا على مقدر وغاية للتبيين لا للانزال وهو خلاف ظاهر الآية وعليك بإجادة التدبر فيها.
ومن لطيف التعبير في الآية قوله وأنزلنا إليك وما نزل إليهم بتفريق الفعلين بالافعال الدال على اعتبار الجملة والدفعة والتفعيل الدال على اعتبار التدريج ولعل الوجه في ذلك أن العناية في قوله وأنزلنا إليك بتعلق الانزال بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط من غير نظر إلى خصوصية نفس الانزال ولذلك اخذ الذكر جملة واحدة فعبر عن نزوله من عنده تعالى بالانزال.
واما الناس فان الذي لهم من ذلك هو الاخذ والتعلم والعمل وقد كان تدريجيا ولذلك عنى به وعبر عن نزوله إليهم بالتنزيل.
وفي الآية دلالة على حجية قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيان الآيات القرآنية واما ما ذكره بعضهم ان ذلك في غير النص والظاهر من المتشابهات أو فيما يرجع إلى اسرار كلام الله وما فيه من التأويل فمما لا ينبغي ان يصغى إليه.
هذا في نفس بيانه صلى الله عليه وآله وسلم ويلحق به بيان أهل بيته لحديث الثقلين المتواتر وغيره واما سائر الأمة من الصحابة أو التابعين أو العلماء فلا حجية لبيانهم لعدم شمول الآية وعدم نص معتمد عليه يعطى حجية بيانهم على الاطلاق.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست