تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٧٢
93 من السورة.
قوله تعالى: " ولله غيب السماوات والأرض واليه يرجع الامر كله " لما كان امره تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ان يأمره بالعمل بما تهوى أنفسهم والانتظار، واخبارهم بأنه ومن آمن معه عاملون ومنتظرون، في معنى امره ومن تبعه بالعمل والانتظار عقبه بهاتين الجملتين ليكون على طيب من النفس وثبات من القلب من أن الدائرة ستكون له عليهم.
والمعنى فاعمل وانتظر أنت ومن تبعك فغيب السماوات والأرض الذي يتضمن عاقبة امرك وأمرهم انما يملكه ربك الذي هو الله سبحانه دون آلهتهم التي يشركون بها ودون الأسباب التي يتوكلون عليها حتى يديروا الدائرة لأنفسهم ويحولوا العاقبة إلى ما ينفعهم، والى ربك الذي هو الله يرجع الامر كله فيظهر من غيبه عاقبة الامر على ما شاءه وأخبر به، فالدائرة لك عليهم، وهذا من عجيب البيان.
ومن هنا يظهر وجه تبديل قوله: " ربك " المكرر في هذه الآيات بلفظ الجلالة " الله " لان فيه من الاشعار بالإحاطة بكل ما دق وجل ما ليس في غيره، والمقام يقتضى الاعتماد والالتجاء إلى ملجأ لا يقهره قاهر ولا يغلب عليه غالب، وهو الله سبحانه ولذلك ترى انه يعود بعد انقضاء هذه الجمل إلى ما كان يكرره من صفة الرب، وهو قوله: " وما ربك بغافل عما تعملون ". قوله تعالى: " فاعبده وتوكل عليه " الظاهر أنه تفريع لقوله: " واليه يرجع الامر كله " أي إذا كان الامر كله مرجوعا إليه تعالى فلا يملك غيره شيئا ولا يستقل بشئ فاعبده سبحانه واتخذه وكيلا في جميع الأمور ولا تتوكل على شئ من الأسباب دونه لأنها أسباب بتسبيبه غير مستقلة دونه، فمن الجهل الاعتماد على شئ منها. وما ربك بغافل عما تعملون فلا يجوز التساهل في عبادته والتوكل عليه.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست