تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٧٢
والشجاع بالأسد إلى غير ذلك.
وان لم تكن متمكنة من ادراك المجردات على ما هي عليها والارتقاء إلى عالمها توقفت في عالم المثال مرتقية من عالم الطبيعة فربما شاهدت الحوادث بمشاهدة عللها وأسبابها من غير أن تتصرف فيها بشئ من التغيير ويتفق ذلك غالبا في النفوس السليمة المتخلفة بالصدق والصفاء وهذه هي المنامات الصريحة.
وربما حكت ما شاهدته منها بما عندها من الأمثلة المانوس بها كتمثيل الازدواج بالاكتساء والتلبس والفخار بالتاج والعلم بالنور والجهل بالظلمة وخمود الذكر بالموت وربما انتقلنا من الضد إلى الضد كانتقال أذهاننا إلى معنى الفقر عند استماع الغنى وانتقالنا من تصور النار إلى تصور الجمد ومن تصور الحياة إلى تصور الموت وهكذا ومن أمثلة هذا النوع من المنامات ما نقل ان رجلا رأى في المنام ان بيده خاتما يختم به أفواه الناس وفروجهم فسأل ابن سيرين عن تأويله فقال إنك ستصير مؤذنا في شهر رمضان فيصوم الناس بأذانك.
وقد تبين مما قدمناه ان المنامات الحقة تنقسم انقساما اوليا إلى منامات صريحة لم تتصرف فيها نفس النائم فتنطبق على ما لها من التأويل من غير مؤنة ومنامات غير صريحة تصرفت فيها النفس من جهة الحكايبا لأمثال والانتقال من معنى إلى ما يناسبه أو يضاده وهذه هي التي تحتاج إلى التعبير بردها إلى الأصل الذي هو المشهود الأولى للنفس كرد التاج إلى الفخار ورد الموت إلى الحياة والحياة إلى الفرج بعد الشدة ورد الظلمة إلى الجهل والحيرة أو الشقاء.
ثم هذا القسم الثاني ينقسم إلى قسمين أحدهما ما تتصرف فيه النفس بالحكاية فتنتقل من الشئ إلى ما يناسبه أو يضاده ووقفت في المرة والمرتين مثلا بحيث لا يعسر رده إلى أصله كما مر من الأمثلة وثانيهما ما تتصرف فيه النفس من غير أن تقف على حد كأن تنتقل مثلا من الشئ إلى ضده ومن الضد إلى مثله ومن مثل الضد إلى ضد المثل وهكذا بحيث يتعذر أو يتعسر للمعبر ان يرده إلى الأصل المشهود وهذا النوع من المنامات هي المسماة بأضغاث الأحلام ولا تعبير لها لتعسره أو تعذره.
وقد بان بذلك ان هذه المنامات ثلاثة اقسام كلية وهى المنامات الصريحة ولا
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست