مصر حتى يأذن لي أبى برفعه اليد عن الموثق الذي واثقته به أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين فيجعل لي طريقا إلى النجاة من هذه المضيقة التي سدت لي كل باب وذلك اما بخلاص اخى من يد العزيز من طريق لا احتسبه أو بموتى أو بغير ذلك من سبيل!!
اما انا فأختار البقاء ههنا واما أنتم فارجعوا إلى أبيكم إلى آخر ما ذكر في الآيتين التاليتين.
قوله تعالى: " ارجعوا إلى أبيكم وقولوا يا ابانا ان ابنك سرق وما شهدنا الا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين " قيل المراد بقوله: " وما شهدنا الا بما علمنا " انا لم نشهد في شهادتنا هذه ان ابنك سرق الا بما علمنا من سرقته وقيل المراد ما شهدنا عند العزيز ان السارق يؤخذ بسرقته ويسترق الا بما علمنا من حكم المسألة قيل وانما قالوا ذلك حين قال لهم يعقوب ما يدرى الرجل ان السارق يؤخذ بسرقته ويسترق؟ وانما علم ذلك بقولكم وأقرب المعنيين إلى السياق أو لهما.
وقوله: " وما كنا للغيب حافظين " قيل أي لم نكن نعلم أن ابنك سيسرق فيؤخذ ويسترق وانما كنا نعتمد على ظاهر الحال ولو كنا نعلم ذلك لما بادرنا إلى تسفيره معنا ولا أقدمنا على الميثاق.
والحق ان المراد بالغيب كونه سارقا مع جهلهم بها ومعنى الآية ان ابنك سرق وما شهدنا في جزاء السرقة الا بما علمنا وما كنا نعلم أنه سرق السقاية وانه سيؤخذ بها حتى نكف عن تلك الشهادة فما كنا نظن به ذلك قوله تعالى: " واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا فيها وانا لصادقون " أي واسال جميع من صاحبنا في هذه السفرة أو شاهد جريان حالنا عند العزيز حتى لا يبقى لك أدنى ريب في انا لم نفرط في امره بل إنه سرق فاسترق.
فالمراد بالقرية التي كانوا فيها بلدة مصر على الظاهر وبالعير التي اقبلوا فيها القافلة التي كانوا فيها وكان رجالها يصاحبونهم في الخروج إلى مصر والرجوع منها ثم اقبلوا مصاحبين لهم ولذلك عقبوا عرض السؤال بقولهم وانا لصادقون أي فيما نخبرك من سرقته واسترقاقه لذلك ونكلفك السؤال لإزالة الريب من نفسك