تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٢٧
بهذه الكلمة ما في نفوسهم من الحسد ليوسف وأخيه ولعلهم لم يشعروا به وهذا يكشف عن أمور مؤسفة كثيرة فيما بينهم.
وبهذا يتضح بعض الاتضاح معنى قول يوسف أنتم شر مكانا كما أن الظاهر أن قوله أنتم شر مكانا إلى آخر الآية كالبيان لقوله " فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم " وكما أن قوله ولم يبدها لهم عطف تفسير لقوله فأسرها يوسف في نفسه.
والمعنى والله أعلم فأسرها أي اخفى هذه الكلمة التي قالوها أي لم يتعرض لما نسبوا إليه من السرقة ولم ينفه ولم يبين حقيقة الحال بل أسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم وكان هناك قائلا يقول كيف أسرها في نفسه فأجيب انه قال أنتم شر مكانا وأسوء حالا لما في أقوالكم من التناقض وفى نفوسكم من غريزة الحسد الظاهرة واجترائكم على الكذب في حضرة العزيز بعد هذا الاكرام والاحسان كله والله أعلم بما تصفون انه قد سرق أخ له من قبل فلم يكذبهم في وصفهم ولم ينفه.
وذكر بعض المفسرين ان معنى قوله أنتم شر مكانا الخ انكم أسوء حالا منه لأنكم سرقتم أخاكم من أبيكم والله أعلم أسرق أخ له من قبل أم لا.
وفيه ان من الجائز ان يكون هذا المعنى بعض ما قصده يوسف بقوله أنتم شر مكانا لكن الكلام فيما تلقاه اخوته من قوله هذا والظرف هذا الظرف هم ينكرون يوسف (ع) وهو لا يريد ان يعرفهم نفسه ولا ينطبق قوله في مثل هذا الظرف الا بما تقدم.
وربما ذكر بعضهم ان التي أسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم هي كلمته أنتم شر مكانا فلم يخاطبهم بها ثم جهر بقوله " والله أعلم بما تصفون " وهذا بعيد غير مستفاد من السياق.
قوله تعالى: " قالوا يا أيها العزيز ان له ابا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه انا نراك من المحسنين " سياق الآيات يدل على أنهم انما قالوا هذا القول لما شاهدوا انه استحق الاخذ والاستعباد وذكروا انهم أعطوا أباهم موثقا من الله ان يرجعوه إليه فلم يكن في مقدرتهم ان يرجعوا إلى أبيهم ولا يكون معهم فعند ذلك عزموا ان يفدوه بواحد منهم ان قبل
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست