تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٥٣
وقد ظهر من الآية بمعونة السياق اولا: ان قوله رب السجن أحب إلي " الخ ليس دعاء من يوسف (ع) على نفسه بالسجن بل بيان حال منه لربه بالاعراض عنهن والرجوع إليه ومعنى أحب إلي انى اختاره على ما يدعونني إليه لو خيرت وليس فيه دلالة على كون ما يدعونه إليه محبوبا عنده بوجه الا بمقدار ما تدعو إليه داعية الطبع الانساني والنفس الامارة.
وان قوله تعالى: " فاستجاب له ربه " إشارة إلى استجابة ما يشتمل عليه قوله والا تصرف عنى كيدهن الخ من معنى الدعاء ويؤيده تعقيبه بقوله فصرف عنه كيدهن وليس استجابة لدعائه بالسجن على نفسه كما توهمه بعضهم.
ومن الدليل عليه قوله بعد في قصة دخوله السجن ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ولو كان دعاء بالسجن واستجابه الله سبحانه وقدر له السجن لم يكن التعبير بثم وفصل المعنى عما تقدمه بأنسب فافهم.
وثانيا ان النسوة دعونه وراودنه كما دعته امرأة العزيز إلى نفسها وراودته عن نفسه واما انهن دعونه إلى أنفسهن أو إلى امرأة العزيز أو أتين بالامرين فدعينه بحضرة من امرأة العزيز إليها ثم أسرت كل واحدة منهن داعية إياه إلى نفسها فالآية ساكتة عن ذلك سوى ما يستفاد من قوله والا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن إذ لولا دعوة منهن إلى أنفسهن لم يكن معنى ظاهر للصبوة إليهن.
والذي يشعر به قوله تعالى حكاية عن قوله في السجن لرسول الملك " ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إلى أن قال قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين ذلك ليعلم انى لم أخنه بالغيب وان الله لا يهدى كيد الخائنين " الآيات: 50 - 52 من السورة انهن دعينه إلى امرأة العزيز وقد أشركهن في القصة ثم قال لم أخنه بالغيب ولم يقل لم أخن بالغيب ولا قال لم أخنه وغيره فتدبر فيه.
ومع ذلك فمن المحال عادة ان يرين منه ما يغيبهن عن شعورهن ويدهش عقولهن ويقطعن
(١٥٣)
مفاتيح البحث: العزّة (5)، البول (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست