تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٦٤
نعم هناك قوم زعموا ان الله سبحانه انما يصرف الانسان عن المعصية لا من طريق اختياره وارادته بل من طريق منازعة الأسباب ومغالبتها بخلق إرادة أو ارسال ملك يقاوم إرادة الانسان فيمنعها عن التأثير أو يغير مجراها ويحرفها إلى غير ما من طبع الانسان ان يقصده كما يمنع الانسان القوى الضعيف عما يريده من الفعل بحسب طبعه.
وبعض هؤلاء وان كانوا من المجبرة لكن الأصل المشترك الذي يبتنى عليه نظرهم هذا وأشباهه انهم يرون ان حاجة الأشياء إلى البارئ الحق سبحانه انما هي في حدوثها واما في بقائها بعد ما وجدت فلا حاجة لها إليه فهو سبحانه سبب في عرض الأسباب الا انه لما كان أقدر واقوى من كل شئ كان له ان يتصرف في الأشياء حال البقاء أي تصرف شاء من منع أو اطلاق واحياء أو إماتة ومعافاة أو تمريض وتوسعة أو تقتير إلى غير ذلك بالقهر.
فإذا أراد الله سبحانه ان يصرف عبدا عن شر مثلا ارسل إليه ملكا ينازعه في مقتضى طبعه ويغير مجرى ارادته مثلا عن الشر إلى الخير أو أراد ان يضل عبدا لاستحقاقه ذلك سلط عليه إبليس فحوله من الخير إلى الشر وان كان ذلك لا بمقدار يوجب الاجبار والاضطرار.
وهذا مدفوع بما نشاهده من أنفسنا في اعمال الخير والشر مشاهدة عيان انه ليس هناك سبب آخر يغايرنا وينازعنا فيغلب علينا غير أنفسنا التي تعمل أعمالها عن شعور بها وإرادة مترتبة عليه قائمين بها فالذي يثبته السمع والعقل وراء نفوسنا من الأسباب كالملك والشيطان سبب طولى لا عرضى وهو ظاهر.
مضافا إلى أن المعارف القرآنية من التوحيد وما يرجع إليه يدفع هذا القول من أصله وقد تقدم شطر وافر من ذلك في تضاعيف الأبحاث السالفة.
(بحث روائي) في المعاني باسناده عن أبي حمزة الثمالي عن السجاد (ع) في حديث تقدم صدره في البحث الروائي السابق.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست