تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٠٨
اشتراه متحقق بهذا الشراء.
واما ما ورد في الروايات ان اخوة يوسف حضروا هناك واخذوا يوسف منهم بدعوى انه عبدهم سقط في البئر ثم باعوه منهم بثمن بخس فلا يدفع ظاهر السياق في الآيات ولا انه يدفع الروايات.
وربما قيل إن الشراء في الآية بمعنى الاشتراء وهو مسموع وهو نظير الاحتمالين السابقين مدفوع بالسياق.
قوله تعالى: " وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى ان ينفعنا أو نتخذه ولدا " السياق يدل على أن السيارة حملوا يوسف معهم إلى مصر وعرضوه هناك للبيع فاشتراه بعض أهل مصر وادخله في بيته.
وقد أعجبت الآيات في ذكر هذا الذي اشتراه وتعريفه فذكر فيها اولا بمثل قوله تعالى: " وقال الذي اشتراه من مصر " فأنبأت انه كان رجلا من أهل مصر وثانيا بمثل قوله: " وألفيا سيدها لدى الباب " فعرفته بأنه كان سيدا مصمودا إليه وثالثا: بمثل قوله " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه " فأوضحت انه كان عزيزا في مصر يسلم له أهل المدينة العزة والمناعة ثم أشارت إلى أنه كان له سجن وهو من شؤون مصدرية الأمور والرئاسة بين الناس وعلم بذلك ان يوسف كان ابتيع أول يوم لعزيز مصر ودخل بيت العزة.
وبالجملة لم يعرف الرجل كل مرة في كلامه تعالى الا بمقدار ما يحتاج إليه موقف الحديث من القصة ولم يكن لأول مرة في تعريفه حاجة إلى أزيد من وصفه بأنه كان رجلا من أهل مصر وبها بيته فلذا اقتصر في تعريفه بقوله: " وقال الذي اشتراه من مصر ".
وكيف كان الآية تنبئ على ايجازها بان السيارة حملوا يوسف معهم وادخلوه مصر وشروه من بعض أهلها فادخله بيته ووصاه امرأته قائلا أكرمي مثواه عسى ان ينفعنا أو نتخذه ولدا والعادة الجارية تقضى ان لا يهتم السادة والموالي بأمر أرقائهم دون ان يتفرسوا في وجه الرقيق آثار الأصالة والرشد ويشاهد في سيماه الخير والسعادة وعلى الخصوص الملوك والسلاطين والرؤساء الذين كان يدخل كل حين في بلاطاتهم عشرات ومئات من
(١٠٨)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست