تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٠٦
المستقبلة: " فصبر جميل عسى الله ان يأتيني بهم جميعا انه هو العليم الحكيم " الآية: 83 من السورة.
فقوله: " والله المستعان على ما تصفون " وهو من أعجب الكلام بيان لتوكله على ربه يقول انى اعلم أن لكم في الامر مكرا وان يوسف لم يأكله ذئب لكني لا أركن في كشف كذبكم والحصول على يوسف بالأسباب الظاهرة التي لا تغنى طائلا بغير اذن من الله ولا أتشحط بينها بل اضبط استقامة نفسي بالصبر وأوكل ربى ان يظهر على ما تصفون ان يوسف قد قضى نحبه وصار اكلة لذئب.
فظهر ان قوله: " والله المستعان على ما تصفون " دعاء في موقف التوكل ومعناه اللهم إني توكلت عليك في امرى هذا فكن عونا لي على ما يصفه بنى هؤلاء والكلمة مبنية على توحيد الفعل فإنها مسوقة سوق الحصر ومعناها ان الله سبحانه هو المستعان لا مستعان لي غيره فإنه (ع) كان يرى أن لا حكم حقا الا حكم الله كما قال فيما سيأتي من كلامه:
" ان الحكم الا لله عليك توكلت " ولتكميل هذا التوحيد بما هو اعلى منه لم يذكر نفسه فلم يقل سأصبر ولم يقل والله استعين على ما تصفون بل ترك نفسه وذكر اسم ربه وان الامر منوط بحكمه الحق وهو من كمال توحيده وهو مستغرق في وجده واسفه وحزنه ليوسف غير أنه ما كان يحب يوسف ولا يتوله فيه ولا يجد لفقده الا لله وفي الله.
قوله تعالى: " وجاءت سيارة فارسلوا واردهم فادلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون " قال الراغب الورود أصله قصد الماء ثم يستعمل في غيره انتهى وقال دلوت الدلو إذا أرسلتها وأدليتها إذا أخرجتها انتهى وقيل بالعكس وقال الاسرار خلاف الاعلان انتهى. وقوله: " قال يا بشرى هذا غلام " ايراده بالفصل مع أنه متفرع وقوعا على أدلاء الدلو للدلالة على أنه كان أمرا غير مترقب الوقوع فان الذي يترقب وقوعه عن الادلاء هو خروج الماء دون الحصول على غلام فكان مفاجئا لهم ولذا قال: " يا بشرى ونداء البشرى كنداء الأسف والويل ونظائرهما للدلالة على حضوره وجلاء ظهوره.
وقوله: " والله عليم بما يعملون " مفاده ذم عملهم والإبانة عن كونه معصية محفوظة عليهم سيؤاخذون بها ويمكن ان يكون المراد به ان ذلك انما كان بعلم من الله أراد
(١٠٦)
مفاتيح البحث: الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست