تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٠٧
بذلك ان يبلغ يوسف مبلغه الذي قدر له فإنه لو لم يخرج من الجب ولم يسر بضاعة لم يدخل بيت العزيز بمصر فلم يؤت ما اوتيه من الملك والعزة.
ومعنى الآية وجاءت جماعة مارة إلى هناك فارسلوا من يطلب لهم الماء فأرسل دلوه في الجب ثم لما أخرجها فاجأهم بقوله يا بشرى هذا غلام وقد تعلق يوسف بالحبل فخرج فأخفوه بضاعة يقصد بها البيع والتجارة والحال ان الله سبحانه عليم بما يعملون يؤاخذهم عليه أو ان ذلك كان بعلمه تعالى وكان يسير يوسف هذا المسير ليستقر في مستقر العزة والملك والنبوة.
قوله تعالى: " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين " الثمن البخس هو الناقص عن حق القيمة ودراهم معدودة أي قليلة والوجه فيه على ما قيل إنهم كانوا إذا كثرت الدراهم أو الدنانير وزنوها ولا يعدون الا القليلة منها والمراد بالدراهم النقود الفضية الدائرة بينهم يومئذ والشراء هو البيع والزهد هو الرغبة عن الشئ أو هو كناية عن الاتقاء.
والظاهر من السياق ان ضميري الجمع في قوله وشروه وكانوا للسيارة والمعنى ان السيارة الذين أخرجوه من الجب وأسروه بضاعة باعوه بثمن بخس ناقص وهى دراهم معدودة قليلة وكانوا يتقون ان يظهر حقيقة الحال فينتزع هو من أيديهم.
ومعظم المفسرين على أن الضميرين لاخوة يوسف والمعنى انهم باعوا يوسف من السيارة بعد أن ادعوا انه غلام لهم سقط في البئر وهم انما حضروا هناك لاخراجه من الجب فباعوه من السيارة وكانوا يتقون ظهور الحال.
أو ان أول الضميرين للاخوة والثاني للسيارة والمعنى ان الاخوة باعوه بثمن بخس دراهم معدودة وكانت السيارة من الراغبين عنه يظهرون من أنفسهم الزهد والرغبة لئلا يعلو قيمته أو يرغبون عن اشترائه حقيقة لما يحدسون ان الامر لا يخلو من مكر وان الغلام ليس فيه سيماء العبيد.
وسياق الآيات لا يساعد على شئ من الوجهين فضمائر الجمع في الآية السابقة للسيارة ولم يقع للاخوة بعد ذلك ذكر صريح حتى يعود ضمير وشروه وكانوا أو أحدهما إليهم على أن ظاهر قوله في الآية التالية: " وقال الذي اشتراه من مصر انه
(١٠٧)
مفاتيح البحث: العزّة (1)، الزهد (2)، البيع (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست