تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١١٣
يا يعقوب ما رحمت دميال عبدي المجتهد في عبادته القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند اوان افطاره ويهتف بكم اطعموا السائل الغريب المجتاز القانع - فلم تطعموه شيئا فاسترجع واستعبر وشكى ما به إلي وبات جائعا وطاويا حامدا وأصبح لي صائما - وأنت يا يعقوب وولدك شباع وأصبحت وعندكم فضل من طعامكم.
أو ما علمت يا يعقوب ان العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي؟
وذلك حسن النظر منى لأوليائي واستدراج منى لأعدائي - اما وعزتي لأنزلن بك بلواي ولا جعلنك وولدك غرضا لمصابي وللأؤدبنك بعقوبتي فاستعدوا لبلواي وارضوا بقضائي واصبروا للمصائب.
فقلت لعلي بن الحسين (ع) جعلت فداك - متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعا - وبات فيها دميال طاويا جائعا فلما رأى يوسف الرؤيا وأصبح يقصها على أبيه يعقوب - اغتم يعقوب لما سمع من يوسف وبقى مغتما - فأوحى الله إليه ان استعد للبلاء فقال يعقوب ليوسف لا تقصص رؤياك على اخوتك - فانى أخاف ان يكيدوا لك كيدا - فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على اخوته.
قال علي بن الحسين (ع) ان أول بلوى نزل - بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا - قال فاشتدت رقة يعقوب على يوسف وخاف ان يكون ما اوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء انما هو في يوسف خاصة فاشتدت رقته عليه من بين ولده.
فلما رأى اخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف وتكرمته إياه وايثاره إياه عليهم - اشتد ذلك عليهم وبدا البلاء فيهم فتآمروا فيما بينهم و " قالوا ليوسف واخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة ان ابانا لفى ضلال مبين اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين " أي تتوبون.
فعند ذلك " قالوا يا ابانا ما لك لا تأمنا على يوسف وانا له لناصحون " فقال يعقوب " انى ليحزنني ان تذهبوا به - وأخاف ان يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون " فانتزعه مقدرا
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست