تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٣٣٨
مرد صبيحي المنظر وكان قومه ذوي حرص شديد على إتيان الفحشاء ما كان من المترقب أن يعرضوا عنهم ويتركوهم على حالهم، ولذلك لم يملك لوط نفسه دون أن قال: (هذا يوم عصيب) أي شديد ملتف بعض شره ببعض.
قوله تعالى: (وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات) قال الراغب: يقال: هرع وأهرع ساقه سوقا بعنف وتخويف، انتهى. وعن كتاب العين الاهراع السوق الحثيث، انتهى.
وقوله: (ومن قبل كانوا يعملون السيئات) أي ومن قبل ذلك كانوا يقترفون المعاصي ويأتون بالمنكرات فكانوا مجترئين على إيقاع الفحشاء معتادين بذلك لا ينصرفون عنه بصارف ولا يحجبهم عن ذلك استحياء أو استشناع، ولا ينزجرون بموعظة أو ملامة أو مذمة لان العادة تسهل كل صعب وتزين كل قبيح ووقيح.
والجملة كالمعترضة بين قوله: (وجاءه قومه يهرعون إليه) وقوله: (قال يا قوم هؤلاء بناتي) الخ، وهى نافعة في مضمون طرفيها أما فيما قبلها فإنها توضح أن الذي كان يهرعهم ويسوقهم إلى لوط عليه السلام هو أنهم كانوا يعملون السيئات وصاروا بذلك معتادين على إتيان الفحشاء ولعين به فساقهم ذلك إلى المجئ إليه وقصد السوء بأضيافه.
وأما فيما بعدها فإنها تفيد أنهم لرسوخ الملكة واستقرار العادة سلبوا سمع القبول وأن يزجرهم زاجر من عظة أو نصيحة، ولذلك بدأ لوط في تكليمهم بعرض بناته عليهم ثم قال لهم: (اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي) الخ.
قوله تعالى: (قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) إلى آخر الآية، لما رآهم تجمعوا على الشر لا يصرفهم عن ذلك مجرد القول بعظة أو إغلاظ في الكلام أراد أن يصرفهم عنه بتبديل ما يريدون من الفحشاء مما لا معصية فيه من الحلال فعرض بناته عليهم ورجحه لهم بأنهن أطهر لهم.
وإنما المراد بصيغة - التفضيل أطهر - مجرد الاشتمال على الطهارة من غير شوب بقذارة، والمراد هي طهارة محضا، وهو استعمال شائع، قال تعالى: (ما عند الله خير من اللهو) الجمعة: 11، وقال (والصلح خير) النساء: 128. وتفيد معنى الاخذ بالمتيقن.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378