(أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم) الشعراء:
166 (ء إنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر) العنكبوت:
29، ولا شك أن السنة القومية الجارية على فعل شئ يثبت حقا فيه، والجارية على تركه ينفى الحق.
وبالجملة هم يلفتون نظره عليه السلام إلى ما يعلم من انتفاء حقهم عن بناته بما هن نساء بحسب السنة القومية وما يعلم من إرادتهم في الهجوم على داره هذا ولعل هذا أحسن الوجوه، وبعده الوجه الثالث.
قوله تعالى: (قال لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) (يقال:
أوى إلى كذا يأوى أويا ومأوى أي انضم إليه، وآواه إليه يؤويه إيواء أي ضمه إليه. والركن هو ما يعتمد عليه البناء بعد الأساس.
الظاهر أنه لما وعظهم لوط عليه السلام بالامر بتقوى الله وتهييج فتوتهم في حفظ موقعه ورعاية حرمته في عدم التعرض لضيفه بما يجلب إليه العار والخزي، وقد قطع عذرهم بعرض بناته عليهم بالنكاح ثم استغاث بالاستنصار من أولى الرشد منهم رجاء أن يوجد فيهم رجل رشيد ينصره عليهم ويدفعهم عنه فلم يجبه أحد فيما سأل ولا انماز من بينهم ذو رشد ينصره ويدفع عنه بل أيأسوه بقولهم: (لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) لم يبق له إلا أن يظهر ما به من البث والحزن في صورة التمني فتمنى أن يكون له منهم قوة يقوى به على دفع عتاتهم الظالمين - وهو الرجل الرشيد الذي كان يسأل عنه في استغاثته - أو يكون له ركن شديد وعشيرة منيعة ينضم إليهم فيدفعهم بهم.
فقوله: (لو أن لي بكم قوة) أي ليت لي قدرة بسببكم بانضمام رجل منكم رشيد إلى يقوم بنصرتي فأدفعكم به، وقوله: (أو آوى إلى ركن شديد) أي أو كنت أنضم إلى ركن شديد أي عشيرة منيعة يمنعكم منى هذا ما يعطيه ظاهر السياق.
وقيل: إن معنى قوله: (لو أن لي بكم قوة) أتمنى أن يكون لي منعة وقدرة وجماعة أتقوى بها عليكم فأدفعكم عن أضيافي. وفيه أن فيه تبديل قوله: (بكم) إلى قولنا: بهم عليكم. وهو كما ترى.
وقيل: إن معنى (لو أن لي بكم قوة) لو قويت عليكم بنفسي. وفيه أنه أبعد