من لفظ الآية.
وقيل: إن الخطاب في الآية للأضياف دون القوم، ومعنى الآية أنه قال لأضيافه: أتمنى أن يكون لي بسببكم قوة ألقاهم بها. وفيه أن الانتقال من خطاب القوم إلى خطاب الأضياف ولا دليل من اللفظ ظاهرا يدل عليه إبهام وتعقيد من غير موجب، وكلامه تعالى أجل من ذلك.
قوله تعالى: (قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) إلى آخر الآية عدم وصولهم إليه كناية عن عدم قدرتهم على ما يريدون، والمعنى لما بلغ الامر هذا المبلغ قالت الملائكة مخاطبين للوط: إنا رسل ربك فأظهروا له أنهم ملائكة وعرفوه أنهم مرسلون من عند الله، وطيبوا نفسه أن القوم لن يصلوا إليه ولن يقدروا أن يصيبوا منه ما يريدون فكان ما ذكره الله تعالى في موضع آخر من كلامه: (ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم) القمر: 37، فأذهب الله بأبصار الذين تابعوا على الشر وازدحموا على بابه فصاروا عميانا يتخبطون.
وقوله: (فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد) الاسراء والسري بالضم السير بالليل فيكون قوله: (بقطع من الليل) نوع توضيح له، والباء للمصاحبة أو بمعنى في. والقطع من الشئ طائفة منه وبعضه، والالتفات افتعال من اللفت، قال الراغب: يقال: لفته عن كذا صرفه عنه، قال تعالى: (قالوا أجئتنا لتلفتنا) أي تصرفنا، ومنه التفت فلان إذا عدل عن قبله بوجهه، وامرأة لفوت تلفت من زوجها إلى ولدها من غيره. انتهى.
والقول دستور من الملائكة للوط عليه السلام إرشادا له إلى النجاة من العذاب النازل بالقوم صبيحة ليلتهم هاتيك، وفيه معنى الاستعجال كما يشعر به قوله بعد:
(إن موعدهم الصبح).
والمعنى أنا مرسلون لعذاب القوم وهلاكهم فانج أنت بنفسك وأهلك وسيروا أنت وأهلك بقطع من هذا الليل واخرجوا من ديارهم فإنهم هالكون بعذاب الله صبيحة ليلتهم هذه، ولا كثير وقت بينك وبين الصبح، ولا ينظر أحدكم إلى وراء.
وما ذكره بعضهم أن المراد بالالتفات الالتفات إلى مال أو متاع في المدينة يأخذه معه أو الالتفات بمعنى التخلف عن السرى مما لا يلتفت إليه.