مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون - 12. ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين - 13. ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون - 14.
(بيان) لما ذكر سبحانه الأصلين من أصول الدعوة الحقة وهما التوحيد والمعاد واحتج عليهما من طريق العقل الفطري ثم أخبر عن عاقبة الايمان والكفر بهما بحث عن سبب إمهال الناس وعدم تعجيل نزول العذاب بساحتهم مع تماديهم في غيهم وضلالتهم وعمههم في طغيانهم وما هو السبب الذي يوجب لهم ذلك فبين أن الامر بين لا ستر عليه، وقد بينه لهم رسل الله بالبينات لكن الشيطان زين لهؤلاء المسرفين أعمالهم فأغفلهم عن ذكر المعاد فذهلوا ونسوا بعد ما ذكروا ثم لم يعجل الله لهم العذاب بل أمهلهم في الدنيا إلى حين ليبتليهم ويمتحنهم فإنما الدار دار ابتلاء وامتحان.
قوله تعالى: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) الخ، تعجيل الشئ الاتيان به بسرعة وعجلة، والاستعجال بالشئ طلب حصوله بسرعة وعجلة، والعمه شدة الحيرة.
ومعنى الآية: ولو يعجل الله للناس الشر وهو العذاب كما يستعجلون بالخير كالنعمة لأنزل عليهم العذاب بقضاء أجلهم لكنه تعالى لا يعجل لهم الشر فيذر هؤلاء المنكرين للمعاد المارقين عن ربقة الدين يتحيرون في طغيانهم أشد التحير.