تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٩١
وينسون ما اتخذوه من الأولياء والأنداد، وأما تلك الأمم فلم تلن الشدائد قلوبهم، ولم تصلح ما أفسد الشيطان من فطرتهم، انتهى.
ولازم ما ذكره أن لا يكون التوحيد فطريا يظهر عند ارتفاع الأوهام الشاغلة والانقطاع عن الأسباب الظاهرة أو أن يمكن إبطال حكم الفطرة من أصله، وقد قال تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) (الروم: 30) فأفاد أن دين التوحيد فطرى، وأن الفطرة لا تقبل التغيير بمغير وأيد ذلك بآيات أخر ناصة على أن الانسان عند انقطاعه عن الأسباب يتوجه إلى ربه بالدعاء مخلصا له الدين لا محالة.
على أن الاقرار بالإله الواحد عند الشدة والانقطاع مما نجده من أنفسنا وجدانا ضروريا ولا يختلف في ذلك الانسان الأولى وإنسان اليوم البتة.
قوله تعالى: (فلو لا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم) الخ، (لولا) للتحضيض أو للنفي، وعلى أي حال تفيد في المقام فائدة النفي بدليل قوله: (ولكن قست قلوبهم) وقسوة القلب مقابل لينه، وهو كون الانسان لا يتأثر عن مشاهدة ما يؤثر فيه عادة أو عن استماع كلام شأنه التأثير.
والمعنى: فلم يتضرعوا حين مجئ البأس ولم يرجعوا إلى ربهم بالتذلل بل أبت نفوسهم أن تتأثر عنه، وتلهوا بأعمالهم الشيطانية الصارفة لهم عن ذكر الله سبحانه و أخلدوا إلى الأسباب الظاهرة التي كانوا يرون استقلالها في إصلاح شأنهم.
قوله تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ) الخ، المراد بفتح أبواب كل شئ إيتاؤهم من كل نعمة من النعم الدنيوية التي يتنافس فيها الناس لتمتع من مزايا الحياة من المال والبنين وصحة الأبدان والرفاهية والخصب والامن والطول والقوة، كل ذلك توفيرا من غير تقتير ومنع كما أن خزانه المال إذا أعطى منها أحد بقدر وميزان فتح بابها فأعطى ما أريد ثم سد، وأما إذا أريد الاعطاء من غير تقدير فتح بابها ولم يسد على وجه قاصده بالجملة كناية عن إيتائهم أنواع النعم من غير تقدير على ما يساعده المقام.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346