أو فلزية عملته يد الانسان وصنعته فكرته خالقا للعالم أو متصرفا فيه بالايجاد والاعدام وكذا كون رب الصنم ربا معبودا أبدع العالم على غير مثال سابق مع الاعتراف بكونه عبدا مربوبا.
والحجة تعود بتقرير آخر إلى أن معنى الألوهية يأبى عن الصدق على الشريك بمعنى الشفيع المتوسط فإن مبدئية الصنع والايجاد لازم معناها الاستقلال في التصرف والتعين في استحقاق خضوع المصنوع المربوب، والواسطة المفروضة إن كان لها استقلال في العمل كانت أصلا ومبدأ لا واسطة وشفيعا وإن لم يكن له حظ من الاستقلال كانت أداة آلة لها مبدأ وإلها.
ولذا كانت الأسباب الكونية أيا ما فرضت ليس لها إلا معنى الآلة والأداة كسببية الاكل للشبع والشرب للري والوالدين للولد والقلم للكتابة والمشي لانطواء المسافة وهكذا.
وقوله: (انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون) تصريف الآيات تحويلها إلى نحو أفهامهم، والصدوف الاعراض، يقال: صدف يصدف صدوفا إذا مال عن الشئ.
قوله تعالى: (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة) إلى آخر الآية، الجهرة الظهور التام الذي لا يقبل الارتياب ولذا قابلت البغتة التي هي إتيان الشئ فجأة لا يظهر على من أتاه إلا بعد إتيانه وغشيانه فلا يترك له مجال التحذر.
وهذه حجة بين فيها على وجه العموم أن الظالمين على خطر من عذاب الله عذابا لا يتخطاهم، ولا يغلط في إصابتهم بإصابة من سواهم م بين أنهم هم الظالمون لفسقهم عن الدعوة الإلهية وتكذيبهم بآيات الله تعالى.
وذلك أن معنى العذاب ليس إلا إصابة المجرم بما يسوؤه ويدمره من جزاء إجرامه ولا إجرام إلا مع ظلم، فلو أتاهم من قبل الله سبحانه عذاب لم يهلك به إلا الظالمون، فهذا ما يدل عليه الآية ثم بين الآيتين التاليتين أنهم هم الظالمون.
قوله تعالى: (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين إلى آخر الآيتين يبين بالآيتين أنهم هم الظالمون، ولا يهلك بعذاب الله إن أتاهم إلا لظلمهم.