تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٠٢
وإذا صح أن ناحيته تعالى جهته ووجهه صح بالجملة أن كل ما ينسب إليه تعالى نوعا من نسبة القرب كأسمائه وصفاته وكدينه، وكالأعمال الصالحة وكذا كل من يحل في ساحة قربه كالأنبياء والملائكة والشهداء وكل مغفور له من المؤمنين وجه له تعالى.
وبذلك يتبين أولا: معنى قوله سبحانه: (وما عند الله باق) (النحل: 96)، وقوله: (ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته) (الأنبياء: 19)، وقوله: (إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه) (الأعراف: 206)، وقوله فيمن يقتل في سبيل الله: (بل أحياء عند ربهم يرزقون) (آل عمران: 169)، وقوله: (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه) (الحجر: 21)، فالآيات تدل بانضمام الآية الأولى إليهن أن هذه الأمور كلها باقية ببقائه تعالى لا سبيل للهلاك والبوار إليها، ثم قال تعالى: (كل شئ هالك إلا وجهه) (القصص: 88) فدل الحصر الذي في الآية على أن ذلك كله وجه لله سبحانه وبعبارة أخرى كلها واقعة في جهته تعالى مستقرة مطمئنة في جانبه وناحيته.
وثانيا: أن ما تتعلق به إرادة العبد من ربه هو وجهه كما في قوله: (يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا) (المائدة: 2)، وقوله: (إبتغاء رحمة من ربك) (الاسراء:
28)، وقوله: (وابتغوا إليه الوسيلة) (المائدة: 35) فكل ذلك وجهه تعالى لان صفات فعله تعالى كالرحمة والمرضاة والفضل ونحو ذلك من وجهه، وكذلك سبيله تعالى من وجهه على ما تقدم، وقال تعالى: (لا ابتغاء وجه الله) (البقرة: 272).
وقوله: (ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ) الحساب هو استعمال العدد بالجمع والطرح ونحو ذلك، ولما كان تمحيص الأعمال وتقديرها لتوفية الاجر أو أخذ النتيجة ونحوهما لا يخلو بحسب العادة من استعمال العدد بجمع أو طرح سمى ذلك حسابا للأعمال.
وإذ كان حساب الأعمال لتوفية الجزاء، والجزاء إنما هو من الله سبحانه فالحساب على الله تعالى أي في عهدته وكفايته كما قال: (إن حسابهم إلا على ربى) (الشعراء:
113)، وقال: (ثم إن علينا حسابهم) (الغاشية: 26) وعكس في قوله: (إن الله كان على كل شئ حسيبا) (النساء: 86) للدلالة على سلطانه تعالى وهيمنته على كل شئ.
وعلى هذا فالمراد من نفى كون حسابهم عليه أو حسابه عليهم نفى أن يكون هو
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346