غير هذه الحجة، والمطلوب بهذه الحجة - وهى التي في هذه الآية - التوحيد وبتلك الحجة، إثبات الصانع من غير نظر إلى توحيده، وإن تلازم المطلوبان.
وثانيا: أن تقييد قوله: (فيكشف ما تدعون إليه)، بقوله: (إن شاء) لبيان إطلاق القدرة فلله سبحانه أن يكشف كل شديدة حتى الساعة التي لا ريب فيها، فإن قضاءه الحتم لأمر من الأمور وإن كان يحتمه ويوجبه لكنه لا يسلب عنه القدرة على الترك فله القدرة المطلقة على ما قضى به، وما لم يقض به، و مثل الساعة في ذلك كل عذاب غير مردود وأمر محتوم إن يشأ يأت به وإن لم يشأ لم يأت به وإن كان يشاء دائما ما قضى به قضاء حتما ووعده وعدا جزما والله لا يخلف الميعاد فافهم ذلك.
وله سبحانه أن لا يجيب دعوة أي داع دعاه وإن عرف نفسه بأنه مجيب، فقال:
(وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) (البقرة: 186) ووعد الاستجابة لداعيه وعدا بتيا، فقال: (ادعوني أستجب لكم) (المؤمن: 60) فإن وعد الاستجابة لا يسلب عنه القدرة على عدم الاستجابة وإن كان يستجيب دائما كل من دعاه بحقيقة الدعاء، وتجرى على ذلك سنته صراطا مستقيما لا تخلف فيه.
ومن هنا يظهر فساد ما استشكل على الآية بأن مدلولها يخالف ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة أن الساعة لا ريب فيها ولا محيص عن وقوعها وأن عذاب الاستئصال لا مرد له، وقد قال تعالى: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) (المؤمن: 50).
وجه الفساد أن الآية لا تدل على أزيد من أن الله سبحانه أن يفعل ما يشاء وأنه قادر على كل شئ، وأما أنه يشاء كل شئ ويفعل كل شئ فلا دلالة فيها على ذلك ولا ريب أن قضاءه الحتمي بوقوع الساعة أو بعذاب قوم عذاب استئصال لا يبطل قدرته على خلافه فله أن يخالف إن شاء وإن كان لا يخلف الميعاد ولا ينقض ما أراد.
وأما قوله تعالى: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) فهو دعاؤهم في جهنم لكشف عذابها وتخفيفه عنهم، ومن المعلوم أن الدعاء مع تحتم الحكم وفصل القضاء لا يتحقق بحقيقته فإن سؤال أن لا يبعث الله الخلق أو لا يعذب أهل جهنم فيها من الله سبحانه بمنزلة أن يسأل الله سبحانه أن لا يكون هو الله سبحانه فإن من لوازم معنى الألوهية أن يرجع