تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٨٦
ينفعكم دعاؤها شيئا.
بل تنسون هؤلاء الشركاء المسمين آلهة لان الانسان إذا أحاطت به البلية وهزهزته الهزاهز ينسى كل شئ دون نفسه إلا أن في نفسه رجاء أن ترتفع عنه البلية، والرافع الذي يرجو رفعها منه هو ربه، فتنسون شركاءكم وتدعون من يرفعها من دونهم وهو الله عز اسمه فيكشف الله سبحانه ما تدعون كشفه إن شاء أن يكشفه، وليس هو تعالى بمحكوم على الاستجابة ولا مضطرا إلى الكشف إذا دعى بل هو القادر على كل شئ في كل حال.
فإذا كان الله سبحانه هو الرب القدير الذي لا ينساه الانسان وإن نسى كل شئ إلا نفسه ويضطر إلى التوجه إليه ببعث من نفسه عند الشدائد القاصمة الحاطمة دون غيره من الشركاء المسمين آلهة فهو سبحانه هو رب الناس دونها.
فمعنى الآية (قل) يا محمد (أرأيتكم) أخبروني (إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة) فرض إتيان عذاب من الله ولا ينكرونه، وفرض إتيان الساعة ولم يعبأ بإنكارهم لظهوره (أغير الله تدعون) لكشفه، وقد حكى الله في كلامه عنهم سؤال كشف العذاب في الدنيا ويوم القيامة جميعا لما أن ذلك من فطريات الانسان (إن كنتم صادقين) وجئتم بالنصفة (بل إياه) الله سبحانه دون غيره من أصنامكم (تدعون فيكشف ما تدعون إليه) من العذاب (إن شاء) أن يكشفه كما كشف لقوم يونس، وليس بمجبر ولا مضطرا إلى القبول لقدرته الذاتية (وتنسون ما تشركون) من الأصنام والأوثان على ما في غريزة الانسان أن يشتغل عند إحاطة البلية به عن كل شئ بنفسه، ولا يهم إلا بنفسه لضيق المجال به أن يتلهى بما لا ينفعه، فاشتغاله والحال هذه بدعاء الله سبحانه ونسيانه الأصنام أصرح حجة أنه تعالى هو الله لا إله غيره ولا معبود سواه.
وبما تقدم من تقرير معنى الآية يتبين أولا: أن إتيان العذاب أو الساعة، وكذا الدعاء لكشفه مفروضان في حجة الآية، والمطلوب بيان أن المدعو حينئذ هو الله عز اسمه دون الأصنام، وأما أصل الدعاء عند الشدائد والمصائب، وأن للانسان توجها جبليا عند ما تطل عليه البلية ويتقطع عنه كل سبب إلى من يكشفها عنه فهو حجة أخرى
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346