تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٩٥
ولذا غير سياق الكلام فوجه وجه البيان إلى النبي صلى الله عليه وآله ليكون هو المخبر عن شأن عذابه فيكون أقطع للعذر وجئ بلفظ المتكلم ليدل به على صدوره من ساحة العظمة والكبرياء.
فكان ملخص المضمون أمره تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقيم عليهم الحجة أن لو أتاهم عذاب الله لم يهلك إلا الظالمين منهم ثم يقول تعالى لرسوله: إنا نحن الملقين إليك الحجة الآتين بالعذاب نخبرك أن ارسالنا الرسل إنما هو للتبشير والانذار فمن آمن وأصلح فلا عليه، ومن كذب بآياتنا فهو الذي يمسه عذابنا لفسقه وخروجه عن طور العبودية فلينظروا في أمر أنفسهم من أي الفريقين هم؟. وقد تقدم في المباحث السابقة استيفاء البحث عن معنى الايمان والاصلاح والفسق ومعنى نفى الخوف والحزن عن المؤمنين، قوله تعالى: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك) لعل المراد بخزائن الله ما ذكره بقوله تعالى: (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا لأمسكتم خشية الانفاق) (: الاسراء: 100) وخزائن الرحمة هذه هي ما يكشف عن أثره، قوله تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك له) الآية، (فاطر: 2) وهى فائضة الوجود التي تفيض من عنده تعالى على الأشياء من وجود ها وآثار وجودها، وقد بين قوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) (يس: 82) أن مصدر هذا الأثر الفائض هو قوله، وهو كلمة (كن) الصادرة عن مقام العظمة والكبرياء، وهذا هو الذي يخبر عنه بلفظ آخر في قوله: (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) (الحجر: 21).
فالمراد بخزائن الله هو المقام الذي يعطي بالصدور عنه ما أريد من شئ من غير أن ينفد بإعطاء وجود أو يعجزه بذل وسماحة، وهذا مما يختص بالله سبحانه، وأما غيره كائنا ما كان ومن كان فهو محدود وما عنده مقدر إذا بذل منه شيئا نقص بمقدار ما بذل، وما هذا شأنه لم يقدر على إغناء أي فقير، وإرضاء أي طالب، وإجابة أي سؤال.
وأما قوله: (ولا أعلم الغيب) فإنما أريد بالعلم الاستقلال به من غير تعليم بوحي، وذلك أنه تعالى يثبت الوحي في ذيل الآية بقوله: (إن اتبع إلا ما يوحى إلى)، وقد
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346