تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٩٨
والمراد بالخوف معناه المعروف دون العلم وما في معناه إذ لا دليل عليه بحسب ظاهر المعنى المتبادر من السياق، والامر بإنذار خصوص الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم لا ينافي عموم الانذار لهم ولغيرهم كما يدل عليه قوله في الآيات السابقة: (وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) (آية: 19) بل لما كان خوف الحشر إلى الله معينا لنفوسهم على القبول ومقربا للدعوة إلى أفهامهم أفاد تخصيص الامر بالانذار بهم ووصفهم هذا الوصف تأكيدا لدعوتهم وتحريضا له أن لا يسامح في أمرهم ولا يضعهم موضع غيرهم بل يخصهم بمزيد عناية بدعوتهم لان موقفهم أقرب من الحق وإيمانهم أرجى فالآية بضميمة سائر آيات الامر بالانذار العام تفيد من المعنى: أن أنذر الناس عامة ولا سيما الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم.
وقوله: (ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع) نفى مطلق لولاية غير الله وشفاعته فيقيده الآيات الاخر المقيدة كقوله: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه: (البقرة:
255) وقوله: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) (الأنبياء: 28) وقوله: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) (الزخرف: 86).
وإنما لم يستثن في الآية لان الكلام يواجه به الوثنيون الذين كانوا يقولون بولاية الأوثان وشفاعتها، ولم يكونوا يقولون بذلك بالاذن والجعل فإن الولاية والشفاعة عن إذن يحتاج القول به إلى العلم، به والعلم إلى الوحي والنبوة، وهم لم يكونوا قائلين بالنبوة، وأما الذي أثبتوه من الولاية والشفاعة فكأنه أمر متهئ لأوليائهم وشركائهم بالضرورة من طبعها لا بإذن من الله كأن أقوياء الوجود من الخليقة لها نوع من التصرف في ضعفائه بالطبع وإن لم يأذن به الله سبحانه، وإن شئت قلت: لازمه أن يكون إيجادها إذنا اضطراريا في التصرف في ما دونها.
وبالجملة قيل: (ما لهم من دونه ولى ولا شفيع) ولم يقل: إلا بإذنه لان المشركين إنما قالوا إن الأوثان أولياء وشفعاء من غير تقييد فنفى ما ذكروه من الولي والشفيع من دون الله محاذاة بالنفي لاثباتهم، وأما الاستثناء فهو وإن كان صحيحا كما وقع في مواضع من كلامه تعالى لكن لا يتعلق به غرض ههنا.
وقد تبين مما تقدم أن الآية على إطلاق ظاهرها تأمر بإنذار كل من لا يخلو من استشعار
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346