تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٨٥
لا تنطلق ألسنتهم إلى الاعتراف بكلمة الحق والشهادة بها، والطائفتان جميعا تشتركان في أنهما واقعتان في ظلمة لا يتبصر فيها إلى الحق، ولا يسع غيرهما أن يبصرهما بشئ من الإشارات لمكان وقوعهما في الظلمات فلا تنجح فيها الإشارة.
ويؤيد ذلك أن الكلام المسرود في الآيات يعم الطائفتين جميعا كما يشير إليه قوله تعالى في الآيات السابقة: (وهم ينهون عنه وينأون عنه) (آية: 26)، وكذا قوله:
(ولكن أكثرهم لا يعلمون) (آية: 37).
هذا في الآية التي نحن فيها، وأما آية المنافقين: (صم بكم عمى)، فالعناية فيها باجتماع جميع هذه الصفات فيهم في زمان واحد لانقطاعهم عن رحمة الله من كل جهة، وأما آية الكفار: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة) فقد تعلقت العناية فيها بكون ختم السمع من غير جنس ختم القلوب كما حكاه عنهم في قوله: (وقالوا قلوبنا في أكنه مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب) (حم السجدة: 5) وربما وجهت الآية بغير ذلك من الوجوه.
قوله تعالى: (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة) إلى آخر الآيتين لفظ (أرأيتكم) بهمزة الاستفهام وصيغة المفرد المذكر الماضي من الرؤية وضمير الجمع المخاطب، أخذه أهل الأدب بمعنى أخبرني، قال الراغب في المفردات: ويجرى (أرأيت) مجرى أخبرني فيدخل عليه الكاف ويترك التاء على حالته في التثنية والجمع والتأنيث، ويسلط التغيير على الكاف دون التاء، قال تعالى: (أرأيتك هذا الذي) قل أرأيتكم، انتهى.
وفي الآية تجديد احتجاج على المشركين، وإقامة حجة على بطلان شركهم من وجه، وهو أنها تفرض عذابا آتيا من جانب الله أو إتيان الساعة إليهم ثم تفرض أنهم يدعون في ذلك من يكشف العذاب عنهم على ما هو المغروز في فطرة الانسان أنه يتوجه بالمسألة إذا بلغت به الشدة نحو من يقدر أن يكشفها عنه.
ثم تسألهم أنه من الذي تدعونه وتتوجهون إليه بالمسألة إن كنتم صادقين؟ أغير الله تدعون من أصنامكم وأوثانكم التي سميتموها من عند أنفسكم آلهة أم إياه تدعون؟
وهيهات أن تدعوا غيره وأنتم تشاهدون حينئذ أنها محكومة بالأحكام الكونية مثلكم لا
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346