تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٧٥
تعالى: (وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون) (الجاثية: 4) ودعا إلى الاعتبار بأمر كثير منها كالانعام والطير والنحل والنمل.
وهذه الآراء والعقائد التي نرى أن الحيوان على اختلاف أنواعها في شؤون الحياة ومقاصدها تبنى عليها أعمالها إذا لم تخل عن الاحكام الباعثة والزاجرة لم تخل عن استحسان أمور واستقباح أمور، ولم تخل عن معنى العدل أو الظلم.
وهو الذي يؤيده ما نشاهده من بعض الاختلاف في أفراد أي نوع من الحيوان في أخلاقها، فكم بين الفرس والفرس وبين الكبش والكبش وبين الديك والديك مثلا من الفرق الواضح في حدة الخلق أو سهولة الجانب ولين العريكة.
وكذا يؤيده جزئيات أخرى من حب وبغض وعطوفة ورحمة أو قسوة أو تعد وغير ذلك مما نجدها بين الافراد من نوع وقد وجدنا نظائرها بين أفراد الانسان، ووجدناها مؤثرة في الاعتقاد بالحسن والقبح في الافعال، والعدل والظلم في الأعمال ثم إنها مؤثرة أيضا في حياة الانسان الأخروية، وملاكا لحشره ومحاسبة أعماله والجزاء عليها بنعمة أو نقمة أخروية. وببلوغ البحث هذا المبلغ ربما لاح لنا أن للحيوان حشرا كما أن للانسان حشرا فإن الله سبحانه يعد انطباق العدل والظلم والتقوى والفجور على أعمال الانسان ملاكا للحشر ويستدل به عليه كما في قوله تعالى: (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) (ص: 28) بل يعد بطلان الحشر في ما خلقه من السماء والأرض وما بينهما بطلانا لفعله وصيرورته لعبا أو جزافا كما في الآية السابقة على هذه الآية: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) (ص: 27).
فهل للحيوان غير الانسان حشر إلى الله سبحانه كما أن للانسان حشرا إليه؟ ثم إذا كان له حشر فهل يماثل حشره حشر الانسان فيحاسب على أعماله وتوزن وينعم بعد ذلك في جنة أو نار على حسب ما له من التكليف في الدنيا؟ وهل استقرار التكليف الدنيوي عليه ببعث الرسل وإنزال الاحكام؟ وهل الرسول المبعوث إلى الحيوان من نوع نفسه أو أنه إنسان؟.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346