البحث، وأشملها مضمونا الآية المبحوث عنها: إنه لا يفلح الظالمون). قوله تعالى: (ويوم نحشرهم جميعا) إلى آخر الآيتين، الظرف متعلق بمقدر والتقدير: واذكر يوم (الخ)، وقد تعلقت العناية في الكلام بقوله: (جميعا) للدلالة على أن العلم والقدرة لا يتخلفان عن أحد منهم، فالله سبحانه محيط بجميعهم علما وقدرة سيحصيهم ويحشرهم ولا يغادر منهم أحدا.
والجملة في مقام بيان قوله: (إنه لا يفلح الظالمون) كأنه لما قيل: (انه لا يفلح الظالمون) سئل فقيل، وكيف ذلك؟ فقيل: لان الله سيحشرهم ويسألهم عن شركائهم فيضلون عنهم ويفقدونهم فينكرون شركهم ويقسمون لذلك بالله كذبا، ولو أفلح هؤلاء الظالمون في اتخاذهم لله شركاء لم يضل عنهم شركاؤهم، ولم يكذبوا على أنفسهم بل وجدوهم على ما ادعوا من الشركة والشفاعة ونالوا شفاعتهم.
وقوله: (ثم لم تكن فتنتهم) الخ، قيل: المراد بالفتنة الجواب أي لم يكن جوابهم إلا أن أقسموا بالله على أنهم ما كانوا مشركين، وقيل الكلام على تقدير مضاف والمراد: لم تكن عاقبة افتتانهم بالأوثان إلا أن قالوا (الخ)، وقيل: المراد بالفتنة المعذرة، لكل من الوجوه وجه.
قوله تعالى: (انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون) بيان لمحل الاستشهاد فيما قص من حالهم يوم القيامة، والمراد أنهم سيكذبون على أنفسهم ويفقدون ما افتروا به، ولو أفلحوا في ظلمهم وسعدوا فيما طلبوا لم ينجر أمرهم إلى فقد ذلك وإنكاره على أنفسهم.
أما كذبهم على أنفسهم فلانهم لما أقسموا بالله أنهم ما كانوا مشركين أنكروا ما ادعوه في الدنيا من أن لله سبحانه شركاء، وهم كانوا يصرون عليه ويعرضون فيه عن كل حجة واضحة وآية بينة ظلما وعتوا، وهذا كذب منهم على أنفسهم.
أما ضلال ما كانوا يفترونه عنهم فلان اليوم يوم ينجلى فيه عيانا أن الامر والملك والقوة لله جميعا ليس لغيره من شئ إلا ذله العبودية، والفقر والحاجة من غير أي استقلال قال تعالى (ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد