السادس: أنه ما كان يخفيه المنافقون في الدنيا من إسرار الكفر وإظهار الايمان والاسلام.
السابع: أنه البعث والجزاء ومنه عذاب جهنم، وأن إخفاءهم له عبارة عن تكذيبهم به، وهو المعنى الأصلي لمادة الكفر.
الثامن: أن في الكلام مضافا محذوفا أي بدا لهم وبال ما كانوا يخفونه من الكفر والسيئات ونزل بهم عقابه فتبرموا وتضجروا وتمنوا التفصي منه بالرد إلى الدنيا، وترك ما افضى إليه من التكذيب بالآيات وعدم الايمان كما يتمنى الموت من أمضه الداء العضال لأنه ينقذه من الآلام لا لأنه محبوب في نفسه، ونحن لا نرى رجحان قول من هذه الأقوال بل الصواب عندنا قول آخر، وهو:
التاسع: أنه يظهر يومئذ لكل من أولئك الذين ورد الكلام فيهم ولأشباههم من الكفار ما كان يخفيه في الدنيا ما هو قبيح في نظره أو نظر من يخفيه عنهم، انتهى، ثم عمم الكلام لرؤساء الكفار وأتباعهم المقلدة وللمنافقين والفساق ممن يقترف الفواحش ويخفيها عن الناس أو يترك الواجبات ويعتذر بأعذار كاذبة ويخفى حقيقة الحال في كلام طويل.
وبالرجوع إلى ما قدمناه من الوجه والتأمل فيه يظهر ما في كل واحد من هذه الأقوال من وجوه الخلل فلا نطيل.
وقوله: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) تذكير لفعل ما تقرر في نفوسهم من الملكات الرذيلة في نشأة الدنيا فإن الذي بعثهم إلى تمنى الرجوع إلى الدنيا والايمان فيها بآيات الله والدخول في جماعة المؤمنين إنما هو ظهور الحق المتروك بجميع ما يستتبعه من العذاب يوم القيامة، وهو من مقتضيات نشأة الآخرة المستلزمة لظهور الحقائق الغيبية ظهور عيان.
ولو عادوا إلى الدنيا لزمهم حكم النشأة، وأسدلت عليهم حجب الغيب، ورجعوا إلى اختيارهم، ومعه هوى النفس ووسوسة الشيطان وقرائح العباد والاستكبار والطغيان فعادوا إلى سابق شركهم وعنادهم مع الحق فإن الذي دعاهم وهم في الدنيا إلى