فالظالم ربما دعته طاغية الشره إلى أن يستعمل ما له من العزة بالاثم والقدرة الكاذبة في الحصول على بغية وسعادة من غير طريقه المشروع، فيخالف الاعتقاد الحق لتوحيد الله سبحانه، أو ينازع الحقوق المشروعة فيتعدى إلى أموال الناس فيغصبها ظلما، أو إلى أعراض الناس فيهتك أستارهم عنوة، أو إلى دمائهم ونفوسهم فيتصرف فيها من غير حق أو يعصى في شئ من نواميس العبودية لله سبحانه بصلاة أو صوم أو حج أو غيرها، أو يقترف شيئا من الذنوب، المتعلقة بذلك كالكذب والفرية والخدعة ونحوها.
يأتي بشئ من ذلك وربما أدرك ما قصده، وهو طيب النفس بما ظفر به من مطلوبه بحسب زعمه، وقد ذهب عن خسران صفقته وخيبة مسعاه في دنياه وآخرته.
أما في دنياه فلان ما سلكه من الطريق إنما هو طريق الهرج والمرج واختلال النظام إذ لو كان طريقا حقا لعم ولو عم أبطل النظام، ولو بطل النظام بطلت حياة المجتمع الانساني فالنظام الذي يضمن بقاء النوع الانساني كائنا ما كان ينازعه فيما حازه بعمله غير المشروع و، لا يزال على المنازعة حتى يفسد عليه مقتضى عمله ونتيجة سعيه المشئوم عاجلا أو على مهل ولن يدوم ظلمه البتة.
وأما في الآخرة فلان ظلمه مكتوب في صحيفة عمله، وهو منقوش في لوح نفسه بما يورد عليها من الأثر ثم هو مجزى به عائش على وتيرته، وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله.
قال الله تعالى: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل) ذلك منكم إلا خزى في الحياة الدنيا يوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون) (البقرة: 85)، وقال: (كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون، فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون) (الزمر: 26)، وقال: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق، ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد) (الحج: 10) إلى غير ذلك من الآيات وهى كثيرة.) والآيات - كما ترى - تشمل المظالم الاجتماعية والفردية فهى تصدق ما تقدم من